كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence) في مستقبل العلاقات العامة؟
محمد الرشود
يربط البعض مفهوم الذكاء الاصطناعي بالروبوتات الآلية التي تقوم بتنفيذ الأعمال اليدوية بدلاً من العنصر البشري كما نشاهد ذلك في البرامج الوثائقية التي تستعرض آليات المصانع الحديثة. إلا أن مفهوم الذكاء الاصطناعي ليس مقتصرًا على هذا التصور، فهو بشكل مختصر فرع واسع النطاق لعلوم الكمبيوتر يهتم ببناء آلات وأنظمة ذكية قادرة على أداء المهام، وبذلك يمكن إدراجها في تخصصات وأعمال عديدة. لذلك بدأت بعض القطاعات والتخصصات الإدارية في عملية إدراج الذكاء الاصطناعي في عملياتها اليومية للاستفادة من التطورات التكنولوجية التي نشهدها في عصرنا الحالي، ومن ضمنها التخصصات الاتصالية كالعلاقات العامة التي لم تكن بمعزل عن أي تغيير تقني أو تكنولوجي منذ ظهور الإنترنت وانتشار منصات التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى موضوع مقالتنا الذكاء الاصطناعي.
يأتي السؤال هنا: كيف لتخصص مرتبط بشكل رئيسي بالتواصل وبناء العلاقات الإنسانية مع الأفراد أو الجمهور كالعلاقات العامة أن يستفيد من الذكاء الاصطناعي؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن تضمين أي تقنية تكنولوجية يعتبر عاملاً مساعدًا في توفير الجهد البشري أو تغطية فجوات معينة. وعند ربطنا لهذه الفكرة بالتخصصات الاتصالية نستذكر أن أحد أهم الإجراءات الرئيسية لنجاح الحملات الاتصالية وإحداث التأثير المطلوب، هو من خلال جمع بيانات ومعلومات كافية يستطيع من خلالها القائمون على الحملة تصنيف ومعرفة الجمهور المستهدف، خصوصًا إذا كان هناك استهداف اتصالي لجماهير عريضة ومتنوعة في الأفكار والسلوكيات.
لذا، فإن أبرز ما قدمه مجال الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن، هو القدرة على معالجة اللغة البشرية التي أتاحت الفرصة لمتخصصي الاتصال لفهم السلوكيات والمشاعر الفردية، وكذلك التفضيلات والاهتمامات، وذلك عن طريق برمجيات معينة تجمع وتحلل البيانات، خصوصًا في ظل تزايد توجه الجمهور نحو مشاركة تجاربهم وخبراتهم في المنصات الرقمية كوسائل التواصل الاجتماعي. سيكون ناتج ذلك مهمًا لمتخصصي الاتصال من حيث اختيار المحتوى المناسب بناء على البيانات المتوفرة التي سيحصلون عليها من خلال البرمجيات المخصصة للذكاء الاصطناعي.
وعند التطرق لعملية قياس الآراء تعمل الأنظمة التي يحركها الذكاء الاصطناعي كذلك على تتبع الردود والتعليقات الخاصة بالعلامة التجارية، وبالتالي رصد الاستفسارات والقضايا الخاصة بالأفراد أو العملاء، الإيجابية منها والسلبية، لتجنب أي ضجة أو أزمة محتملة، فتعمل هذه الأنظمة كجهاز إنذار مبكر لممارسي العلاقات العامة للقيام بالتفاعل المناسب.
وكذلك أشار معهد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأميركية في أحد المقالات إلى أن مساهمة تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تقتصر على الرصد، بل أيضًا في كتابة بعض الأخبار والتقارير. ولكن من الواضح أن التكهن حول الاعتماد عليها بهذا الشأن وبشكل كامل بدلاً من العنصر البشري، يعتبر أمرًا غير محسوم بعد.
أخيرًا.. الهدف الرئيسي من هذا المقال هو إعطاء لمحة بسيطة إلى بعض التغيرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي، ومن ضمنها الأتمتة في العمليات الروتينية واليومية كعمليات الرصد وجمع البيانات وكتابة بعض التقارير المعتادة، التي تعطي مؤشرًا واضحًا بأن ممارسي العلاقات العامة سيكون تركيزهم ومجهودهم الأكبر للمهام والأعمال التي تتطلب الإبداع والابتكار مثل رسم الخطط وبناء الاستراتيجيات الاتصالية، وصناعة المحتوى الإبداعي، بدلاً من القيام بالمهام الروتينية والتقليدية.