صمت إيلون ماسك حيال مخاطر الذكاء الاصطناعي يثير المخاوف
AI بالعربي – متابعات
صور إيلون ماسك نفسه شخصيةً إنسانيةً تبني مستقبلًا مثاليًا من خلال مجموعة شركات. لا تنخدعوا بذلك. إن صمت الملياردير بشأن التراجع المفاجئ عن إرشادات الحكومة الأميركية لبناء ذكاء اصطناعي أكثر أمانًا، يفضح أن أولوياته هي المكاسب السياسية ومصالحه التجارية.
كان بين ما أغدقه الرئيس دونالد ترمب من أوامر تنفيذية هذا الأسبوع إلغاء أمر جو بايدن بشأن الذكاء الاصطناعي، الذي أطلقه في أكتوبر 2023، داعيًا شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى إلى مشاركة نتائج اختبارات السلامة مع الحكومة.
لقد تضمّن الأمر قائمةً بسيطةً من الطلبات، خصوصًا أن الأمر التنفيذي لا يستطيع إجبار شركات التقنية قانونيًا على فعل أي شيء، لكنه كان أقوى إشارة حتى الآن إلى أن حكومة الولايات المتحدة جادة بشأن سلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي والإشراف عليها.
قال ترمب خلال حملته الانتخابية إنه سيلغي هذا الأمر، بعدما تذمر أعضاء الحزب الجمهوري من أنه يخنق الابتكار. لكن ماسك، الذي يعمل الآن مستشارًا له دور في البيت الأبيض، والذي لديه آذان صاغية عند ترمب، ظل صامتًا بوضوح بشأن إجراء ربما كان يعارضه بقوة ذات يوم.
تدمير الحضارة
في مارس 2023، وقع ماسك على رسالة مفتوحة تدعو إلى توقف مؤقت لمدة ستة أشهر في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، محذراً من أنه يشكل “مخاطر عميقة على المجتمع والإنسانية”. بعد بضعة أشهر، أخبر “بي بي سي نيوز” أن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب “بتدمير الحضارة”، وقارنه بالأسلحة النووية.
أنهى ماسك صداقته الطويلة مع المؤسس المشارك لشركة “جوجل” لاري بيج بسبب جدال حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، وفقًا للسيرة الذاتية لوالتر إيزاكسون، وشارك في تأسيس “OpenAI” بسبب مخاوف من أن “جوجل” لم تعر اهتمامًا كافيًا لتهديد هذه التقنية الوجودي للبشرية.
قال ماسك في 2023: “أعتقد أننا بحاجة إلى تنظيم سلامة الذكاء الاصطناعي. أعتقد أنه في الواقع يشكل خطرًا أكبر على المجتمع من السيارات أو الطائرات أو الطب”.
إذا كان ماسك يعتقد ذلك حقًا، لكان نصح الرئيس الجديد بالحفاظ على النظام القائم، وهو لم يكن ضاغطًا أصلًا.
حتى الآن، تعاونت أكبر مختبرات الذكاء الاصطناعي طواعية مع معاهد سلامة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، ومقرها المعهد الوطني للمعايير والتقنية في ميريلاند، وفي المملكة المتحدة. لم يضع أمر بايدن معايير صارمةً، بل إرشادات للإبلاغ والشفافية من جانب شركات التقنية.
غموض يلف القطاع
هذا ضروري بشدة في زمن نعرف فيه أكثر عن مكونات عبوة “دوريتوس” مما نعرف عن نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي تقوم البنوك والشركات القانونية بتوصيله بأنظمتها، وذلك بسبب الطبيعة الغامضة لأكبر مختبرات الذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، تتنامى مخاطر تطوير الذكاء الاصطناعي، إذ تخطط “OpenAI” مع شركائها، ومنهم مجموعة “سوفت بنك” و”أوراكل”، لاستثمار 500 مليار دولار في البنى التحتية لهذه التقنية.
من شأن هذا أن يسرع بشدة تطوير الذكاء الاصطناعي، وهو بالضبط نوع التوسع السريع الذي حذّر ماسك ذات يوم من أنه قد يكون كارثيًا. ومع ذلك، ما يزال مطلق التحذيرات السابق صامتًا.
إن هذا الصمت الانتقائي ليس مفاجئًا على الإطلاق من شخص أطلق شركة “تسلا” لمكافحة تغير المناخ، لكنه يتحالف الآن مع ساسة مناهضين للسيارات الكهربائية، أو يُدعي أنه يدافع عن حرية التعبير، بينما يطرد الصحفيين من منصته ويقاضي منتقديه.
يبدو أن مبادئ ماسك متقلبة مثل تغريداته، وراهنًا، يبدو أن كونه أفضل صديق جديد لترمب، يفوق كونه حارسًا للبشرية بتكليف ذاتي.
مكاسب سياسية
لم تكن تحذيرات ماسك بشأن الذكاء الاصطناعي بالضرورة صحيحةً. وهنالك مخاوف أكثر في الأمد القريب بشأن أمن ونزاهة نماذج الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها على سوق العمل. لكن صمته الحالي يفصح عن كيفية تنحية الملياردير لمخاوفه المروعة مقابل المواءمة السياسية.
لعلنا يجب أن نتوقع أن نرى قدرًا أقل من التحريض من جانب ماسك بشأن معايير الذكاء الاصطناعي، وأن يمنح مزيداً من الوقت والجهد لإزالة العوائق التي قد تعيق شركاته عن التقدم في سباق الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شركة “سبيس إكسبلوريشن تكنولوجيز”، و”تسلا”، و”XAI”.
إن كان الرجل الذي وصف ذات يوم الذكاء الاصطناعي بأنه أعظم تهديد وجودي للبشرية لن يتحدث للدفاع عن تدابير السلامة الأساسية، فيجدر بنا أن نسأل ما هي المبادئ الأخرى التي قد تنهار في مواجهة السلطة والوصول.