إنترنت الأشياء.. إطلاق يد الذكاء الاصطناعي في حياتنا

6

AI بالعربي – متابعات

يدمج إنترنت الأشياء الذي يُرمز له بأحرف (IoT) أو “Internet of Things” الأجهزة “الأشياء” المُستخدمة في حياتنا اليومية مهما كانت محدودية قدراتها مع الإنترنت، مما يتيح لها التواصل وتبادل البيانات بفعالية. ورغم أن التحضير لهذه التقنية كان مستمرًا لعدة عقود، فإن التقدم كان بطيئًا في البداية بسبب حجم الرقائق الكبيرة.

تاريخ إنترنت الأشياء

قد تبدو التكنولوجيا الحديثة وكأنها سحر، لكن جذورها تمتد إلى ما هو أبعد مما نتخيل. فمنذ التسعينيات، بدأ مهندسو الكمبيوتر في دمج أجهزة الاستشعار الصغيرة والمعالجات في الأجهزة اليومية، مستفيدين من تطور رقائق السيليكون. مع مرور الوقت، تقلص حجم هذه الرقائق بشكل كبير، مما أدى إلى ظهور أجهزة أكثر ذكاءً وصغرًا. هذا التطور المتسارع هو ما مهد الطريق للهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء التي لا نستغني عنها اليوم. وبالتالي، فإن التكنولوجيا التي نستخدمها الآن هي نتيجة لتراكم جهود العلماء والمهندسين على مر العقود.

ماذا كانت النتيجة؟

أدّى ما سبق إلى انخفاض تكاليف دمج القدرة الحاسوبية في الأشياء الصغيرة، مما أسهم – بدوره – في انتشار إنترنت الأشياء بشكل كبير في يومنا، وصار حادثًا وحديثًا داخل أوساط شتَّى.

ماذا يعني إنترنت الأشياء؟

مصطلح إنترنت الأشياء أو(IoT)  يشير إلى الأجهزة (الأشياء) والوسائل التقنية المستخدمة في الاتصال أو تيسير الاتصال بين تلك الأجهزة وبين السحابة الإلكترونية. باختصار، يمكن تعريف إنترنت الأشياء بأنه الأجهزة المتصلة بالإنترنت التي يمكن التحكم فيها وإدارتها عن بُعد باستخدام الإنترنت لأداء وظائف محددة. يُسمَّى أيضًا إنترنت كل شيء Everything of Internet (IoE) ، وهو النتيجة الحتمية لتطوير الإنترنت بشكل لم يكن من الممكن تصوره عند بداية إنشائه، حيث كان يربط أربعة مواقع، حتى صار يربط المليارات من الأشياء.

يمكن أيضًا تعريف إنترنت الأشياء على أنه اتصال مختلف أنواع الأجهزة المادية بشبكة الإنترنت، حيث يكون لكل جهاز القدرة على التعريف بنفسه للأجهزة الأخرى. تجمع شبكة الإنترنت مختلف (الأشياء) مثل الإلكترونيات، والبرمجيات، وأجهزة الاستشعار، وغيرها، وهو ما يتيح لهذه الأجهزة إمكانية تبادل البيانات فيما بينها.

كيف يطلق إنترنت الأشياء يد الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية؟

على الرغم من الفارق الكبير بين الذكاء الاصطناعي AI وإنترنت الأشياء (IoT)، وكونهما يعملان بشكل مختلف تمامًا، يجمع الأول البيانات ويقوم بتحليلها بهدف تطوير آلات قادرة على فهم السلوكيات البشرية، في حين يقوم إنترنت الأشياء بجمع البيانات ونقلها بين الأجهزة المختلفة المتصلة بالإنترنت لتتم معالجتها وتسريع عمليات معينة دون تدخل بشري. إلَّا أنَّ جزئية جمع البينات ونقلها بشكل يشير حو أتمتة النظام – آليته – ربما سيكون مدخلاً لكثير من أفكار الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.

كما أنَّ توجُّه إنترنت نحو تطبيق تعلُّم الآلة واتخاذ قرارات مدروسة، على أن تُعاد هذه القرارات إلى جهاز إنترنت الأشياء، ثم يستجيب جهاز إنترنت الأشياء بعد ذلك بذكاء للمدخلات، يفتح مجالات أوسع أُفقًا نحو التطوير.

كيف نستفيد من إنترنت الأشياء؟

لا بدَّ لنا أن نعلم أن إنترنت الأشياء يتطوَّر وما زال يتطلَّع نحو آفاق أوسع، فهو في كل يوم يترك أثرًا عميقًا في حياة الإنسان وأسلوب العمل، حيث يسهم في أتمتة العديد من المهام اليومية وتحسين الإنتاجية والراحة. وبفضل هذه التكنولوجيا، يمكن للآلات أن تتولى الأعمال الشاقة وتحرر الأفراد من المهام المرهقة، مما يؤدي إلى حياة أكثر صحة وفعالية.

على سبيل المثال، يمكن للأجهزة المتصلة أن تُحدث تغييرًا جذريًا في روتينك الصباحي. فعند الضغط على زر الغفوة في المنبه، ستقوم الآلة تلقائيًا بتشغيل آلة إعداد القهوة وفتح ستائر النوافذ. كما ستقوم ثلاجتك الذكية بتحديد المستلزمات البقالية المنتهية وتقديم طلبات للشراء حتى تصل إلى منزلك. إضافةً إلى ذلك، يمكن لفُرنك الذكي أن يزودك بقائمة الطعام المناسبة لليوم، ويقوم بطهي المكونات المجمعة مسبقًا لضمان جاهزية غداءك في الوقت المحدد. وفيما يتعلق بتنظيم مواعيدك، ستقوم ساعتك الذكية بتحديد المواعيد، بينما تضبط سيارتك المتصلة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)  تلقائيًا للتوقف عند محطة التزود بالوقود.

ورغم أنَّ فرص وإمكانات تقنيات إنترنت الأشياء، ربَّما تبدو بعيدة عن العديد من الشرائح المجتمعية، فهي لا حصر لها، ومؤهَّلة تمامًا لتحسين الحياة اليومية وجعلها أكثر سهولة وراحة.

مجالات تطبيق إنترنت الأشياء

  • مجال المتاجر الإلكترونية

كانت المتاجر الإلكترونية من أول القطاعات المستفيدة في هذا المجال، حيث تقدم تكنولوجيا إنترنت الأشياء (IoT) فوائد كبيرة لأصحابها الذين يبيعون المنتجات أو الخدمات عبر الإنترنت، حيث توفر تقنيات وتطبيقات غير محدودة لكل من التجار والمستخدمين. قد لا يدرك المستخدم العادي حجم البيانات التي تتدفق بمجرد نقرة على أحد العناصر، ولا التعقيد الكامن في العمليات اللوجستية للتجارة الإلكترونية، ولكن الأمر معقد للغاية.

تظهر إمكانيات تكنولوجيا إنترنت الأشياء في تسهيل هذه العمليات من خلال عدة جوانب رئيسية:

  • جمع وتحليل البيانات الضخمة: تتيح تكنولوجيا (IoT) جمع بيانات دقيقة عالية الجودة، مما يساعد على تحسين استراتيجيات المبيعات وفهم سلوك المستهلكين بشكل أفضل.
  • تعديل استراتيجيات التسويق :تساعد البيانات المجمعة في تعديل الحملات الإعلانية وتخصيص الرسائل لتلبية احتياجات العملاء بشكل أكثر فعالية.
  • حماية المتجر الإلكتروني: توفر تكنولوجيا إنترنت الأشياء آليات متقدمة لحماية المتجر الإلكتروني وبيانات العملاء من الهجمات السيبرانية.
  • تتبع المخزون: تُمكّن التقنيات الذكية من متابعة حجم المخزون بذكاء وبشكل مستمر، مما يعزز من كفاءة إدارة المخزون ويقلل من الفائض أو النقص.
  • مجال الطب والرعاية الصحية

تعد تطبيقات إنترنت الأشياء في المجال الطبي من أبرز استخدامات هذه التقنية، حيث تسهم بشكل كبير في تسريع العمليات وتحسين جودة الخدمات الصحية. مع تزايد استخدام الأجهزة الطبية المحمولة والتطبيقات الصحية المتنقلة، أصبح بإمكان مقدمي الرعاية الصحية، مثل الأطباء والممرضين، الاعتماد على الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت بدلاً من التعاملات الورقية، مما يعزز سرعة وكفاءة تبادل المعلومات الطبية.

يتيح إنترنت الأشياء تحديد المشكلات الصحية ورصد الأنماط الحيوية مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم، مع إمكانية إرسال البيانات إلى الأطباء لتحليلها واتخاذ الإجراءات المناسبة. ومن بين الاستخدامات الشائعة لهذه التقنية نقل بيانات المرضى بسرعة من المنزل إلى المستشفى، وتعزيز التفاعل بين المرضى والأطباء، وتوفير تشخيص دقيق للمشكلات الصحية. كما يُمكن تثبيت أجهزة مراقبة للأمراض المزمنة، مما يتيح تتبع الحالة الصحية وإرسال إشارات فورية في حالة حدوث أي اضطراب.

تطبيقات مجتمعات إنترنت الأشياء

  • المنازل المتصلة

تركز الأجهزة المنزلية الذكية بشكل أساسي على تعزيز كفاءة المنزل وأمانه، بالإضافة إلى تحسين الشبكات المنزلية. إذ تقوم بعض الأجهزة، مثل المقابس الذكية، بمراقبة استهلاك الكهرباء، بينما توفر منظمات الحرارة الذكية تحكمًا أفضل في درجة الحرارة داخل المنزل. كما يمكن استخدام أنظمة الزراعة الذكية مع أدوات استشعار إنترنت الأشياء للتحكم في الحدائق. في حين تقوم أجهزة كشف الدخان القائمة على إنترنت الأشياء باكتشاف دخان التبغ. وتسهم أنظمة الحماية المنزلية مثل أقفال الأبواب وكاميرات المراقبة وأجهزة كشف تسرب المياه في الكشف عن التهديدات ومنعها، مع إرسال إشعارات فورية إلى مالكي المنازل.

تتعدد استخدامات الأجهزة المتصلة في المنزل، حيث يمكنها إيقاف تشغيل الأجهزة غير المستخدمة تلقائيًا، وتسهيل تأجير العقارات وإدارتها وصيانتها. كما تساعد في العثور على العناصر المفقودة، مثل المفاتيح أو المحافظ، وتتيح أتمتة المهام اليومية، مثل التنظيف بالمكنسة الكهربائية وتحضير القهوة. وتساهم هذه التطبيقات في تحسين جودة الحياة داخل المنازل من خلال توفير الوقت والجهد.

 

 

  • المدن الذكية

عززت تطبيقات إنترنت الأشياء من كفاءة التخطيط العمراني وصيانة البنية التحتية في المدن. وتستغل الحكومات هذه التطبيقات لمعالجة مشكلات البنية التحتية والصحة والبيئة. ومن بين الاستخدامات المهمة لتطبيقات إنترنت الأشياء في المدن الذكية قياس جودة الهواء ومستويات الإشعاع، وكذلك تقليل تكاليف فواتير الطاقة من خلال أنظمة الإضاءة الذكية. كما تساهم هذه التطبيقات في الكشف عن احتياجات صيانة البنى التحتية الحيوية مثل الشوارع والجسور وخطوط الأنابيب، وزيادة الأرباح من خلال الإدارة الفعالة لمواقف السيارات.

  • المباني الذكية

تستخدم المباني، مثل حرم الجامعات والمباني التجارية، تطبيقات إنترنت الأشياء لزيادة الكفاءة التشغيلية. وتساعد أجهزة إنترنت الأشياء في المباني الذكية على تحقيق أهداف متعددة، منها تقليل استهلاك الطاقة وتخفيض تكاليف الصيانة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه التقنيات في الاستفادة من أماكن العمل بشكل أكثر كفاءة، مما يعزز من بيئة العمل ويحقق فوائد اقتصادية وبيئية للمؤسسات.

ختامًا، يمكن القول إن إنترنت الأشياء أصبح اليد القريبة من الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية. ليس ذلك مقتصرًا على مجالات معينة فحسب، بل يشمل جميع جوانب حياتنا التي نتلقى فيها الخدمات وتعتمد عليها مصالحنا. في المستقبل القريب، سيكون (IoT)  محيطًا بنا.

 

اترك رد

Your email address will not be published.