الإنسانية بين الذكاء الاصطناعي والفطري (1)

محمد جابر سلطان الجابر

بات مصطلح الذكاء الاصطناعي كثير الاستخدام هذه الأيام لدرجة أن البعض أصبح يتخوف من أنه قد يعني سيطرة الآلات واضمحلال دور البشر، ورغم أن الواقع لا يزال بعيداً عن الاقتراب من هذا التصور. فالذكاء الاصطناعي يعرف بأنه: الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية والبشرية وأنماط عملها مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه اسم لحقل أكاديمي يعنى بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي، ويعرفه كبار الباحثين بأنه: دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها، وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها.

وخلال السنوات الأخيرة قفز التطور في تقنية الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة، حيث تعد تقنية ( التعلم العميق ) أبرز مظاهره وهي ترتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري الذي هو أساس الذكاء الفطري؛ أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتياً وبدون تدخل الإنسان، وحيث أثبتت تقنية ” التعليم العميق ” قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى لغة أخرى وغير ذلك من القدرات التي أغرت الشركات الأمريكية في وادي السيليكون وتحديداً شركة فيس بوك وغوغل على الاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها، متجاهلين تحذيرات من أن تطور الذكاء الاصطناعي قد يهدد البشرية وهو أيضاً ما أعلنت عنه شركة إنفستكورب المؤسسة المالية العالمية المتخصصة في الاستثمارات البديلة عن استثمارها في شركة ” ترمينوس تكنولوجيز” الشركة العالمية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومزود الخدمات الذكية في الصين، حيث اشارت الشركة إلى ان استثمارها الإستراتيجي في شركة ” ترمينوس تكنولوجيز ” لن يساهم في نمو الشركة فحسب لكنه ايضاً يعكس ثقتها بالتخطيط العام للمدن الذكية وقدرة الشركة على أن تصبح القوة الدافعة للتحول الرقمي في كل أنحاء العالم وبرغم المخاوف من الذكاء الاصطناعي والذي ابداه الكثيرون من المتخصصين والباحثين في ديسمبر عام 2014، أشار عالم الفيزياء الشهير ستيفين هوكينغ إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري محذراً من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتياً، كما أعلن المؤسس والرئيس السابق لشركة مايكروسوفت بيل غيتيس العام الماضي عن رغبته في بقاء الروبوتات غبية إلى حد ما، وقال: إننا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق… ومن جانبه وصف المخترع والمستثمر الأمريكي ” الون موسك ” الذكاء الاصطناعي بأنه من أعظم المخاطر التي تهدد الوجود البشري والإنساني كما شبه تطوير الآلات الذكية باستحضار الشيطان.

وحيث يرى أيضاً المدير العام لشركة غوغل السيد سوندار بيشاي أن عصر الهواتف الذكية اقترب من نهايته ليستبدل بالذكاء الاصطناعي الذي يتيح الوصول الفوري إلى المعلومات الضرورية.

وكما يرى مؤسس فيس بوك ورئيسها التنفيذي السيد / مارك زوكربيرغ أن الأجهزة ذات الذكاء الاصطناعي تستطيع يوماً ما أن تتمتع بالحواس الإنسانية مثل الرؤية والشعور أكثر من البشر أنفسهم. وهو ما أكده الباحث المتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي لدى شركة غوغل وجامعة تورنتو السيد جيو فري هينتون: أن الآلات ستوازي الإنسان ذكاءً خلال خمسة أعوام من الآن.