الحياة الذكية

21

محمد محمد علي

يمكننا أن نتخيل العالم المقبل وقد سيطرت عليه التقانة الرقمية والذكاء الاصطناعي سيطرة تامة، فيصبح كل شيء ذكياً، السيارة ذكية تسير إلى أي مكان بدون سائق، وتتفادى حوادث السير وزحمة المرور، حتى سيارات الأجرة لن تحتاج إلى سائق، بل ستتعامل مباشرة مع ركابها المفترضين، وتأتيهم في المواعيد المحددة.

والثلاجة ذكية تستطيع أن تخبر الأسرة بالمواد التي فسدت وتلك التي نفدت، ويُمكنها تخزين طاقة كهربائية تستخدمها عند انقطاع الكهرباء، وسيصبح الحاسوب أذكى، وقادراً على إصلاح نفسه من أي خلل، ولن يكون مستخدمه محتاجاً إلى استخدام أزراره أو حتى لمسه، بل يملي عليه، وعن بُعد، ما يريد فينجزه بأقصى سرعة ودقة.

وسيصبح الهاتف الذكي المقبل أذكى من جيله الحالي، إذ ستكون له قدرة هائلة على تلافي الإحراج الذي قد يحصل لعدم رغبة صاحبه في الرد على مخاطبه أو مراسله، فيُناور الهاتف ويتحايل على الطرف الآخر حتى يُوهمه أنه مغلق، بل قد يتحول إلى سكرتير شخصي لصاحبه، فيرد على المكالمات والرسائل، وربما يتقمص صوت صاحبه ويرد على المخاطب بالطريقة التي يرغب فيها صاحبه، وهذا فوق ما لا يحصى من الخدمات الأخرى المذهلة.

وستصير العقاقير الطبية ذكية بحيث تتجه مباشرة إلى معالجة المرض وإبطال آثارها الجانبية تلقائياً، وكذلك إبطال مفعول المواد الموجودة بها، والتي تتعارض مع أدوية أخرى يستخدمها المريض، ثم إذا زادت الجُرعة أبطلت مفعولها، بل تبطل مفعول نفسها عندما تُقدم لمريض لا يحتاج إليها أو قد تُسبب له ضرراً.

أما الأجيال القادمة من الإنترنت (إذا استمر وجود الإنترنت، إذ قد تُخترع تقانة جديدة مذهلة)، فستكون أسرع بشكل مذهل وتُقدم خدمات لا يمكن تخيلها الآن، تماماً كما لم تكن أجيال القرن التاسع عشر قادرة على تخيل عالمنا الافتراضي الحالي.

والملابس وجميع ما يرتديه الإنسان ويحمله من ساعات وحقائب وأحذية وأدوات ستكون ذكية، والأسلحة أيضاً ستكون ذكية: قنابل وطائرات وصواريخ ذكية تتجه إلى أهداف محددة، رداً على هجوم مباغت، وبدون تدخل بشري.

أما الأجيال القادمة من الإنسان الآلي، فأخشى ما أخشاه أن تُؤلف بينها روابط اجتماعية وسياسية واقتصادية، وتتآمر على البشر وتُبيدهم، أو تطردهم إلى الكواكب الأخرى لتخلو لها الأرض، فتشكل فيها دولاً وقوانين تحكمها.

اترك رد

Your email address will not be published.