الذكاء الاصطناعي وتحديات التوظيف
د. صلاح بن فهد الشلهوب
انطلقت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، التي نظتمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، وأقيمت في نسختها الأولى افتراضيا في 21 – 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2020، فهذه القمة منصة عالمية بارزة جمعت صناع القرار والخبراء والمختصين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الشركات التقنية الرائدة والمستثمرين ورجال الأعمال، تحت شعار “الذكاء الاصطناعي لخير البشرية”. والحقيقة أن الاتجاه العام لمختلف نواحي الحياة اليوم أصبح يميل باتجاه الذكاء الاصطناعي الذي أثبت كفاءته، كما أنه يعالج مجموعة من التحديات التي تواجه البشر. وبعد أزمة كوفيد – 19، أصبح لهذا العلم أهمية كبيرة في تغطية احتياجات البشر بما يعزز القدرة على محاصرة الأوبئة. وفي كلمة ولي العهد – حفظه الله – إشارة إلى أن المملكة عازمة على أن تكون واحدة من أهم مراكز العالم، التي تهتم بتنمية وتطوير برامج الذكاء الاصطناعي. ومن الملاحظ اليوم، أن هناك تطورا كبيرا في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، خصوصا في القطاع الصناعي، الذي يحقق فيه قدرة على الإنتاج بصورة كبيرة ودقة عالية، إضافة إلى أنه يعزز كفاءة الإنتاج دون النظر إلى الجوانب المتعلقة بالمعايير التي تتطلبها الأعمال الخاصة بالفرد، مثل جانب وقت العمل وأنظمة السلامة، والدقة العالية التي تتحقق من خلال استخدام التقنية المتقدمة فيه. كما أن الذكاء الاصطناعي بدأ ينافس في مجالات تعد متقدمة وصعبة ومعقدة فيما يتعلق بالإنسان، خصوصا مجالات الطب وعلومه، التي تعد من التخصصات المتقدمة، ويحتاج إليها الإنسان بصورة أساسية ومتعلقة بحياته، حيث يمكن أن تصبح هذه التقنيات يوما ما بديلا عن الطبيب في بعض المجالات، كما أن في مجال التعليم أصبح الذكاء الاصطناعي خيارا محتملا مستقبلا، خصوصا مع التقدم في تقنيات التعليم التي يصعب على المعلم التقليدي مجاراتها، كما أن لديه قدرة على تقديم محتوى متنوع للطلاب وإمكانية تقديم المعرفة لأعداد ضخمة جدا في وقت واحد دون الحاجة إلى أعداد هائلة من المعلمين، كما أنه يمكن أن يقدم معايير أعلى فيما يتعلق بتقييم مستوى التطور المعرفي للطالب لتحديد جوانب الضعف وزيادة في قدرة تحديد توجهاته المناسبة مستقبلا. كما أن الذكاء الاصطناعي تطور كثيرا فيما يتعلق بالتجارة والتسويق، وأصبح الاعتماد عليه كبيرا، خصوصا من قبل شركات التجارة الإلكترونية العملاقة، باعتبار أنه يخفف التكلفة ويزيد كفاءة عمل تلك الشركات. التحديات التي تواجه العالم بسبب التطور في مجال الذكاء الاصطناعي كبيرة، إذ إنه كما حقق تقدما فيما فيه مصلحة ورفاهية الإنسان، إلا أنه في الوقت نفسه يمكن أن يكون تهديدا. والإشكال هنا أن الإنسان يجد أن من الضروري التطور في هذا الاتجاه، أو يجد نفسه خارج خريطة الحراك العالمي اقتصاديا. ومن تلك التحديات، استخدام هذه التقنيات اليوم في الحروب والصراعات، فما يشهده التطور الكبير في تقنيات الطائرات المسيرة “الدرونز”، يجد في المقابل أن قوى الشر في العالم، مثل النظام الإيراني، تركز على تطوير قدراته، والإنفاق بشكل كبير على هذه المجالات، من أجل دعم حركات التمرد في المنطقة والميليشيات الإرهابية، إضافة إلى بعض الدول التي تدعم بها استمرار حالة الصراعات الأهلية وعدم الاستقرار في دول المنطقة، فيما يشكل أحد أسوأ أشكال التوظيف لهذه التقنيات مستقبلا.
من التحديات التي تواجه المجتمعات في هذا المجال، مسألة أن يحل الذكاء الاصطناعي بديلا عن الإنسان في مجالات كثيرة، مثل العمل، حيث أصبحت هذه التقنيات بديلا له في كثير من الأنشطة الصناعية، بل أصبحت اليوم خيارا حتى في تقنيات البناء والمقاولات. والحقيقة أن هذا التحدي يتجاهل قدرة الإنسان على التكيف مع المتغيرات، حيث – مثلا – تم اختراع الآلة التي استبدل بها كثير من الموظفين في الصناعات المختلفة، وبدت أكثر قدرة على أداء المهام بصورة أقوى ووقت أقصر من الفترة التي يتطلبها عمل الإنسان، ولو أن البشر لم يعتمدوا على الآلة لكان لذلك أثر كبير في زيادة تكلفة كثير من المنتجات وضعف كفاءتها مقارنة بالآلة. والمتأمل اليوم يجد أن الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل كبير في دول لديها أعداد هائلة من السكان، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، التي تشهد معدلات متدنية من نسب البطالة، فهو لا يمثل حاليا تهديدا فيما يتعلق بوفرة الوظائف بالقدر الذي يمثل تهديدا بصورة أكبر للدول غير المتقدمة في هذه المجالات.
الخلاصة، إن الذكاء الاصطناعي يعد واحدا من التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم كما حصل في الثورة الصناعية بعد اختراع الآلة، ووجود التحديات الكبيرة التي يشهدها العالم بسبب هذا التطور، يدفع بالإنسان إلى التفكير في الطريقة التي يجب أن يتعايش فيها مع هذه التقنيات المتقدمة من خلال بناء أخلاقيات للحد من الاستخدام السلبي لها، كما أن من المهم فهم أن من يحقق تقدما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة سيكون أكثر قدرة على مواجهة تحديات مثل البطالة وتوفير فرص كافية للعمل.
من التحديات التي تواجه المجتمعات في هذا المجال، مسألة أن يحل الذكاء الاصطناعي بديلا عن الإنسان في مجالات كثيرة، مثل العمل، حيث أصبحت هذه التقنيات بديلا له في كثير من الأنشطة الصناعية، بل أصبحت اليوم خيارا حتى في تقنيات البناء والمقاولات. والحقيقة أن هذا التحدي يتجاهل قدرة الإنسان على التكيف مع المتغيرات، حيث – مثلا – تم اختراع الآلة التي استبدل بها كثير من الموظفين في الصناعات المختلفة، وبدت أكثر قدرة على أداء المهام بصورة أقوى ووقت أقصر من الفترة التي يتطلبها عمل الإنسان، ولو أن البشر لم يعتمدوا على الآلة لكان لذلك أثر كبير في زيادة تكلفة كثير من المنتجات وضعف كفاءتها مقارنة بالآلة. والمتأمل اليوم يجد أن الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل كبير في دول لديها أعداد هائلة من السكان، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، التي تشهد معدلات متدنية من نسب البطالة، فهو لا يمثل حاليا تهديدا فيما يتعلق بوفرة الوظائف بالقدر الذي يمثل تهديدا بصورة أكبر للدول غير المتقدمة في هذه المجالات.
الخلاصة، إن الذكاء الاصطناعي يعد واحدا من التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم كما حصل في الثورة الصناعية بعد اختراع الآلة، ووجود التحديات الكبيرة التي يشهدها العالم بسبب هذا التطور، يدفع بالإنسان إلى التفكير في الطريقة التي يجب أن يتعايش فيها مع هذه التقنيات المتقدمة من خلال بناء أخلاقيات للحد من الاستخدام السلبي لها، كما أن من المهم فهم أن من يحقق تقدما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة سيكون أكثر قدرة على مواجهة تحديات مثل البطالة وتوفير فرص كافية للعمل.