توجهات الذكاء الاصطناعي المستقبلية وتحدياته
AI بالعربي – خاص
باتت تقنيات “الذكاء الاصطناعي” تؤثر على حياتنا حاليًا على نحوٍ أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ وربما تتدخل فيها أيضًا، ولذا يرى فريقٌ من الخبراء أن الوقت قد حان لأن يتدخل مفكرو علم الأخلاق وفلاسفته لضبط هذا الأمر.
وتوضح المؤشرات المختلفة بما لا يدع مجالاً للشكّ أن مستقبل الذكاء الاصطناعي كبير، وأنّ الاعتماد عليه سيتزايد يومًا تلو آخر إلى أن يسيطر على جزء كبير من المشهد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في العالم، وأكد الدكتور كاي فو لي عالم الكمبيوتر ورجل الأعمال في عام 2018 هذا الكلام مؤكدًا: “إن الذكاء الاصطناعي سيغير العالم أكثر من أي شيء في تاريخ البشرية، أكثر مما غيرت الكهرباء”، وهو ما يعطي انطباعًا بأن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على مستقبل كل صناعة وكل إنسان تقريبًا، وأنه سيستمر كمحرك رئيسي للتقنيات الحديثة مثل البيانات الضخمة والروبوتات وإنترنت الأشياء، وسيستمر في العمل كمبتكر تكنولوجي في المستقبل المنظور.
يعد الذكاء الاصطناعي أحد أكثر الاتجاهات تأثيرًا في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية، لذلك لابد من الاهتمام والتركيز على أبحاثه وتطبيقاته لتنمية وتطوير كل الأنظمة المختلفة مثل الأنظمة الصحية والزراعية والصناعية والتعليمية والخدمية لتقليل التكاليف وتحسين جودة المخرجات مما سيوفر بالتأكيد فرصًا لحياة أفضل وتجاوزًا لكثير من تحديات الأعمال في المستقبل القريب وعلى المدى الطويل.
ومما لا شكّ فيه أنّ هناك حاجة لرفع مستوى الوعي بالفرص والتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، حيث سيكون على المجتمعات أن تبني منهجيات شاملة وواضحة للتعامل مع فرصة تحدياته، ومن النصائح للراغبين بالعمل في مجال الذكاء الاصطناعي كالطلاب والباحثين وريادي الأعمال وغيرهم: الاهتمام بترسيخ المهارات الفنية والمعرفة الواسعة بالبرمجة مثل برمجة Python، كما يتطلب بناء مهارات قوية في إدارة البيانات، ومعرفة أساسيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي مثل تعلم أساسيات الخوارزميات التي تساعد في حل المشكلات المعقدة.
ويتطلب أيضًا اكتساب المعرفة في مجال عمل الشخص لمعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تطويرها واستخدام الذكاء الاصطناعي بجوانبها المختلفة، كما يتطلب تعزيز المهارات الشخصية كالقدرة على التحدث والتأثير في قادة الأعمال وأصحاب المصلحة الذين قد لا يفهمون الكلمات التقنية المستخدمة، ويتطلّب كذلك الرغبة بالتعلّم المستمر لأن النجاح يأتي فقط لأولئك الذين يحافظون على التعلم باستمرار.
تحديات الذكاء الاصطناعي المستقبلية
حدد وزراء وخبراء ومتخصصون في الذكاء الاصطناعي والروبوتات واستشراف المستقبل 12 تحديًا تواجه المجتمعات في التحول إلى مجتمعات تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي وأبرزها:
1_ وجود تشريعات مرنة تتناسب مع التقنيات وتواكب تطورها، والدعم المادي الذي يعزز البنية الابتكارية.
2_ الدعم الأكاديمي ووجود حاضنات ابتكار في المؤسسات الأكاديمية تساهم في بناء جيل تقني قادر على فهم متطلبات المستقبل.
3_ ترسيخ ثقافة قبول التقنية في المجتمع بدءًا من الأسرة، ووجود عقلية قادرة على المخاطرة في ريادة الأعمال، والتخوف من أن يصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً للإنسان وقصور المناهج التعليمية التي لا تزال بعيدة عن العلوم المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
4_ ضرورة إعادة رسم نظام التعليم المدرسي والجامعي والتركيز على التعليم التقني في المراحل السنية المبكرة.
5_ خدمة الإنسانية: يشير المتخصصون بأن التقنيات لها مزايا وعيوب، وتتفوق مزايا الذكاء الاصطناعي والروبوتات على العيوب حيث تخلق فرصًا جديدةً من الوظائف، مشيرين إلى أن “أنسنة” الروبوتات تنطلق من تغير الفكر التقليدي وتقبل هذه الصناعة التي وجدت لخدمة الإنسانية فالابتكار هو خارطة طريق لتقدم المجتمعات.
6_ حدوث تغيرات هائلة: يتوقع البعض أن تؤدي هذه التقنيات إلى حدوث تغيرات هائلة مماثلة في حجمها أو أكثر ضخامة، من تلك التي أحدثها ظهور وانتشار شبكة الإنترنت.
7_ مشكلة أخطاء حسابات البيانات: يتوقع المتخصصون أن تظهر على السطح مشكلة أخطاء حسابات البيانات في المستقبل القريب، وذلك لأن خوارزمية الذكاء الاصطناعي تتضمن تحليل كمية هائلة من البيانات التي تتطلب قدرًا هائلاً من القوة الحسابية، ومع زيادة كمية البيانات وظهور خوارزمية التعلم العميق الأكثر تعقيدًا في الاتجاه السائد، فلن تكون القوة الحسابية الحالية كافية لتلبية المتطلبات المعقدة.
8_ مشاكل السلامة العامة: كما أن هنالك مخاوف من مشاكل السلامة العامة، وذلك بإمكانية قيام الذكاء الاصطناعي بأشياء ضارة للبشرية، وكمثال على ذلك الأسلحة المستقلة “autonomous weapons” التي يمكن برمجتها لقتل البشر الآخرين، لذلك يتوجب أن يكون هنالك لوائح وتعليمات عندما يتعلق الأمر بإنشاء أو تجربة أسلحة مستقلة.
9_ مشكلة فقدان الوظائف: تمثل هذه المشكلة واحدة من أبرز تحديات الذكاء الاصطناعي المستقبلية، حيث يتمثّل في مشكلة فقدان الوظائف التي تهدد عددًا كبيرًا من الأيدي العاملة مستقبلاً، وهي مشكلة أثارتها وتحدث عنها كثير من الدراسات الأكاديمية، والتقارير الدولية، والمقالات المتخصصة.
10_ محدودية الكفاءات التكنولوجية: إن الأشخاص القادرين على البحث وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي نادرون في الوقت الحالي مقارنة مع مجالات أخرى، ذلك أن هذه العمليات لا تتم عن طريق استخدام برنامج معين بحد ذاته، بل ينبغي تكييف البرامج الذكية مع مجموعة بيانات محددة يتم جمعها واستخدامها في سياق معين، ومن أجل تنفيذ عملية التكيف هذه، يلزم توافر مهارات ومواهب معينة لا يمتلكها سوى عدد قليل نسبيًا من الناس حول العالم، ولعل هذا النقص يفسر لماذا تتنافس الشركات والجامعات لتوظيف الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وفي النهاية ترتبط الإمكانيات التقنية التي يمكن تحقيقها في هذا المجال بكمية رأس المال البشري الذي يمكن استثماره في تطوير هذه البرمجيات.
11_ التفكير البشري مختلف تمامًا عن الآلات الذكية: رغم أنه تجري المقاربة بين الدماغ والآلة، إلا أن الشبكات العصبية الحالية التي يمكن أن تكون الأكثر تطورًا في بناء الآلات الذكية لا تمثل سوى شيء بسيط جدًا من أنسجة المخ البشري، وإذا كان الدماغ البيولوجي هو الهيكل الذي يتم من خلاله تعريف الذكاء، فإن الذكاء الاصطناعي لا يزال في بداياته.
12_ نقص التنوع في مجال بحوث وصناعة الذكاء الاصطناعي: تسود حالة من نقص التنوع في مجال البحث والتطوير في هذا الحقل التقني، وكذلك في ثقافات مكان العمل التي تشكل صناعة الذكاء الاصطناعي 20، وحاليًا فإن 80% من العاملين في المجال من الأساتذة في جامعات العالم الرائدة مثل “ستانفورد” أو “أكسفورد” أو “بيركلي” وغيرها، هم من فئة الذكور، وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يشكل الرجال أكثرية المتقدمين لوظائف الذكاء الاصطناعي.