من الأشياء المبهجة، التي تدعو للتفاؤل، هو انطلاق “الجمعية السعودية لكتاب الرأي”. ويمكن القول إن التدشين الرسمي الكلي لم يتم حتى الآن، والإمكانات لا تزال محدودة؛ إلا أن ما يقوم به الزملاء من جهود ولقاءات ومحاولات واضحة وتشكر، وتشجع على الانضمام للسفينة، والتجديف أيضاً.

حضرت للمرة الأولى في الجمعية، في لقاء وزير العدل مع الكتاب، والذي كانت الاستضافة عكسية، حيث جاء الوزير للكتاب، على عكس التقليدي من اللقاءات، أن يكون الوزير هو الداعي أو المستضيف. وأعده من اللقاءات المهمة، والدقيقة في المعلومة والوقت والترتيب.

لفت انتباهي في الوزير عدة نقاط:

الأولى: إلمامه الكبير بالمهارات الاتصالية، والحديث كمتحدث رسمي احترافي، يستمع بانتباه كامل، ويجيب على الأسئلة بوضوح، ويبين الأشياء الشائكة، ولا يترك مساحات للتخمين.

الثانية: معرفته التامة بمشكلات الوزارة، وتحديات القضاء، والمبادرة في الدخول لمناطق “التابوهات” وتفنيدها.. والتي ترجمها في عدة مبادرات، كما أشار لها، سترى النور قريباً.

الثالث: اهتمام الوزارة بالتقنية، وكذلك “الذكاء الاصطناعي” في بعض مشروعاتها، ويمكن تلخيص ذلك في عدة أمور منها:

  • ربط جهات الخبرة إلكترونياً بأنظمة الوزارة، وتكاملها إجرائياً، من أجل ضمان دقة أعلى في بيانات التقييم، مما يمكن عن طريقه بناء خوارزميات لاكتشاف وتقليل التباين في الأحكام.
  • النمذجة الإلكترونية الشاملة، حيث ستكون حجر أساس لتطوير تقنيات تعلم الآلة machine learning من خوارزميات الذكاء، لإتاحة جوانب متعددة، مثل: الأحكام المشابهة السابقة، والاستدلالات والأنظمة، واللوائح ذات العلاقة، مما تساعد القاضي على أحكامه.
  • اكتشاف الأحكام المتباعدة رغم تشابه الوقائع، مما يسهل مراجعتها لدى التفتيش القضائي والتحقق من مساراتها.
  • تقييم جاهزية الدعوى قبل عرضها على القاضي، عبر مساعد ذكي للمدعي والمحامي واكتشاف النواقص وتلافيها.

بالتأكيد، لم نصل للكمال ولا الرضا المنشود بعد، وأظن هذا الحكم لدى الوزارة حتى، ولكن المعطيات تبدو لي أننا نسير في طريق معبد بالأفكار والتجديد والتطور.

آخر ما يمكن أن أختم به حديثي هو التذكير والتأكيد من قبل الوزير على المطالبة بالانتقاد البناء، من أجل التقويم والتصحيح والبناء، والتي أرجو أن تكون رغبة لدى كل المسؤولين.. لأن الوطن يبنى بالأفكار المتكاتفة. اليد الواحدة لا تبني.. والسلام..