
“النماذج المُصغّرة” في الذكاء الاصطناعي.. الأداء العالي بأقل استهلاك
AI بالعربي – خاص
في خضم السباق نحو بناء نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة، مثل GPT-4 وGemini، بدأ يظهر اتجاه مختلف تمامًا وأكثر هدوءًا: “النماذج المصغّرة” (Small Models)، وهي نماذج مصممة لتحقيق أداء قوي مع الحفاظ على الحجم والكفاءة.
فهل يمكن لنموذج صغير الحجم أن ينافس عمالقة الذكاء الاصطناعي؟ وما سر هذا التحول في فلسفة التصميم؟
ما المقصود بالنماذج المصغّرة في الذكاء الاصطناعي؟
النموذج المصغّر هو شبكة عصبية مُحسَّنة من حيث عدد الطبقات والمعاملات (Parameters)، بحيث تستهلك موارد أقل من حيث التخزين، الطاقة، وسرعة التنفيذ، دون التضحية بجودة النتائج في المهام المستهدفة.
وتشمل هذه النماذج أمثلة مثل DistilBERT، TinyGPT، وMobileNet، المصممة للعمل على أجهزة محدودة مثل الهواتف الذكية أو أجهزة إنترنت الأشياء.
لماذا هذا الاتجاه؟
رغم قوة النماذج الضخمة، إلا أن تشغيلها يتطلب مراكز بيانات ضخمة، طاقة هائلة، واتصال دائم بالسحابة.
أما النماذج المصغّرة، فتوفر:
سرعة استجابة لحظية
استهلاك طاقة منخفض
خصوصية أكبر حيث يمكن تنفيذ العمليات محليًا
وهذا يجعلها مثالية للتطبيقات المحمولة، الصحية، أو حتى في المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة.
تقنيات تصغير النماذج
يعتمد تصغير النماذج على تقنيات متقدمة، منها:
الضغط الكمومي (Quantization): تمثيل الأوزان بعدد أقل من البتات
التقطيع (Pruning): إزالة الوصلات غير الفعالة
المعلمات المشتركة (Parameter Sharing): تقليل التكرار في الطبقات
التمييز المعرفي (Knowledge Distillation): نقل الخبرة من نموذج كبير إلى نموذج صغير
هذه الأساليب تُبقي على الكفاءة دون خسارة كبيرة في الأداء.
الأداء: هل ينافس العمالقة؟
تشير الدراسات إلى أن النماذج المصغّرة تحقق أداءً مقاربًا للنماذج الضخمة في مهام مثل تصنيف الصور، الترجمة، أو توليد النصوص القصيرة.
ورغم أنها لا تنافس في التعقيد العالي، إلا أن كفاءتها في المهام اليومية يجعلها خيارًا ذكيًا ومتوازنًا.
استخدامات متعددة في عالم حقيقي
النماذج المصغّرة تُستخدم اليوم في:
الهواتف الذكية: للتعرف على الكلام أو الصور دون الحاجة للسحابة
المساعدات المنزلية: مثل Alexa أو Google Home
أجهزة الرعاية الصحية المحمولة
السيارات الذكية التي تحتاج لقرارات سريعة محليًا
وهي أيضًا أساس لـ ذكاء اصطناعي موزّع يُنفّذ على الأطراف دون الاعتماد على مركز سحابي.
نحو ذكاء اصطناعي أكثر استدامة
مع ازدياد التوجه نحو الاستدامة وتقليل البصمة الكربونية، تُعد النماذج المصغّرة خيارًا مسؤولًا بيئيًا.
فهي لا تتطلب بنية تحتية ضخمة، ولا استهلاك طاقة مفرط، وتُتيح استفادة أوسع من الذكاء الاصطناعي على مستوى الأفراد والمؤسسات الصغيرة.
اقرأ أيضًا: التحول المنطقي في الخوارزميات.. هل نفكر منطقًا أم تعلمًا؟ – AI بالعربي | إيه آي بالعربي