بعد ChatGPT المنافسة تحتدم بين شركات الذكاء الاصطناعي

كانت ولا تزال سوق الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة التفاعلية من الأسواق التقنية الأكثر نموا خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن السوق قامت بقفزات كبيرة في وقت قصير جدا منذ إطلاق روبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي ChatGPT في نوفمبر من العام الماضي، الذي أعاد رسم المشهد والمنافسة في السوق التقنية، الأمر الذي جعل عديدا من الشركات يدخل هذه السوق بشكل جدي وباستثمارات جريئة، للمنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 1.394 تريليون دولار في 2029 وبمعدل نمو سنوي مركب قدره 20.1 في المائة.

ولعل أبرز هذه الشركات عمالقة التقنية جوجل ومايكروسوفت، وذلك بعد أن أصبح روبوت الدردشة ChatGPT من شركة OpenAI الأسرع نموا في تاريخ تطبيقات الويب الموجهة للمستهلكين، حيث حقق أكثر من 100 مليون مستخدم نشط شهريا بعد مرور شهرين ونصف فقط من إطلاقه.

البداية منذ أكثر من 60 عاما

لعل كثيرين يعتقدون أن روبوتات الدردشة التفاعلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي هي تقنية حديثة ظهرت أخيرا، لكن الأمر الذي يجهله كثير منهم، هو أن روبوتات الدردشة ظهرت للمرة الأولى قبل أكثر من 60 عاما، حيث ظهر الروبوت الأول ELIZA في 1966 بهدف إمكانية إجراء محادثة بين الحاسوب والمستخدم البشري من خلال التعرف على الكلمات أو التعبيرات الرئيسة، وتطورت هذه الروبوتات مع مرور الزمن، حيث تم تطوير روبوتات أخرى من شركات مختلفة، مثل روبوت Dr Sbaitso، الذي صمم للتحدث مع البشر، وروبوت Smarterchild الذي كان مخصصا لخدمة العملاء في 2001 واستخدم على نطاق واسع في تطبيقات التراسل -آنذاك- مثل MSN Messenger، وYahoo Messenger. ليخدم المستخدمين بطريقة مشابهة لما تفعله المساعدات الصوتية الحالية، وصولا إلى سيري من أبل في 2011 الذي تم اعتباره نقلة نوعية لوصوله إلى المستهلكين، حيث مهد الطريق للمساعدات الصوتية المعروفة اليوم، مثل: مساعد جوجل، وأليكسا من أمازون، وكورتانا من مايكروسوفت.

فيما حدثت النقلة النوعية في نوفمبر الماضي عندما أطلقت شركة OpenAI الإصدار التجريبي الأول من روبوت الدردشة التفاعلي ChatGPT، الذي يستند في عمله إلى النموذج اللغوي الكبير GPT-3.5 للتنبؤ باللغة، إذ يستخدم مجموعات من مليارات الكلمات الخاصة به لمعالجة النصوص والتنبؤ بالتسلسل التالي للكلمات في سياق معين لتقديم استجابات شبيهة بالبشر، وخلال أقل من أسبوع وصل عدد مستخدمي الإصدار التجريبي من ChatGPT إلى مليون مستخدم.

وكشف روبوت الدردشة ChatGPT عن حقبة جديدة من الذكاء الاصطناعي، من خلال قدراته على كتابة المحتوى وكتابة الأكواد البرمجية، وإجراء محادثات بانسيابية عالية مع البشر والعمل على إنجازات كبيرة بسرعة ودقة أكثر من البشر.

منافسة محتدمة

بدأ هذا العام بمنافسة جديدة وشرسة بين شركتي جوجل ومايكروسوفت، وذلك بعد النجاح والشهرة اللذين حققهما ChatGPT سارعت الشركات إلى تبني روبوت الدردشة أو إطلاق الروبوتات الخاصة بها، إذ سارعت شركة مايكروسوفت إلى دمجه كإصدار محدث من ChatGPT في محرك البحث التابع لها Bing ومتصفح إيدج، ورفعت استثماراتها في شركة OpenAI لتصل إلى عشرة مليارات دولار، وإلى حين إتاحتها بشكل موسع للمستخدمين، فإن روبوت الذكاء الاصطناعي المدمج في منتجات مايكروسوفت سيوفر عديدا من المزايا، منها: البحث عن المعلومات والحصول على نتائج أفضل من السابق، وطلب مزيد من التفاصيل، وإمكانية كتابة مقال أو بريد إلكتروني حول موضوع معين، والبحث في مضمون موقع ويب معين، إلى جانب طرح الأسئلة المباشرة ليقوم الروبوت بالإجابة عنها.

من جانبها عملت جوجل على دخول سباق المنافسة في السوق من خلال إعلان روبوت الدردشة الخاص بها التي أطلقت عليه اسم Bard، لتدمج إمكاناته ضمن نتائج بحث جوجل وذلك لتقديم إجابة ملخصة لما يبحث المستخدم عنه، إضافة إلى نتائج البحث التقليدية المعتادة في محرك جوجل، كما تسعى جوجل إلى إحداث ثورة في عملية جمع المعلومات وكيفية استخدام محركات البحث من خلال روبوت Bard عبر الحصول على إجابات مناسبة عن الاستفسارات باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة، والعثور على المعلومات بسلاسة أكبر عند استخدام محرك بحث جوجل، وتبسيط المعلومات المعقدة وشرح الاكتشافات الجديدة، وأتمتة مهام أكثر تعقيدا بسلاسة، وتسهيل أداء المهام اليومية، خاصة لأنشطة مثل المساعدة على إدارة الوقت والجدولة، وتسهيل المحادثات مع المستخدم في جميع الموضوعات.

تحديات صعبة

لا يزال ChatGPT حاليا ومع كل هذا الزخم يعد في المراحل الأولية من التطوير، لذلك فإن حاله كحال أي تقنية جديدة فإنها تواجه عديدا من التحديات، ولعل أبرز التحديات التي تواجه محركات البحث التي تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي يكمن في صعوبة التمييز بين المحتوى المزيف والحقيقي، إذ تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نماذج اللغات الكبيرة التي تستخدم مجموعات بيانات نصية ضخمة من الإنتاج البشري لتتعلم البحث عن عمليات البحث وعرض النتائج.

إلى جانب صعوبة تأمين الروبوتات وحمايتها من الهجمات السيبرانية، وذلك لكونها شفرات برمجية في المقام الأول، وبمجرد انتشار طرق كسر حماية روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها في إنشاء أنواع مختلفة من المحتوى الضار مثل إنشاء معلومات مغلوطة، أو استخدامها في الهجمات الخبيثة، إضافة إلى التكلفة المرتفعة لتبني روبوتات الدردشة، حيث إن تشغيلها يتطلب من الشركات عديدا من الموارد على عكس محركات البحث التقليدية الموجودة حاليا، الأمر الذي قد يحدد استخدامها باشتراكات مدفوعة للمستهلكين في المستقبل.

بدائل متعددة

يعد روبوت الدردشة التفاعلي ChatGPT أكثر روبوتات الذكاء الاصطناعي استخداما في الوقت الحالي، لكن هناك عديدا من البدائل التي في طريقها للظهور مثل محرك مايكروسوفت Bing الذي يدعم ChatGPT وجوجل Bard وروبوت Jasper الذي يقدم إجابات شبيهة بالبشر لاعتماده على النموذج اللغوي ذاته الذي يعتمد عليه ChatGPT، وروبوت YouChat، وروبوت ChatSonic.

CHATGPTالذكاء الاصطناعيالربوتات
Comments (0)
Add Comment