AI بالعربي – متابعات
تطورت صناعة التمويل بشكل لا يصدق في السنوات الـ 12 الأخيرة، وخصوصاً بعد أن لمع نجم التكنولوجيا المالية، والتي تعرف أيضاً باسم “فينتك FinTech”. وساهمت هذه التكنولوجيا، التي تسمح للأفراد والشركات، بالتحكم بأمورهم المصرفية واستثماراتهم مباشرةً من خلال الإنترنت، في إحداث ثورة في عالم الخدمات المالية التقليدية، وأدت إلى إنتاج مجموعة من الأدوات المالية والمصرفية الحديثة، التي تقدم خدمات سريعة، سهلة، وأقل كلفة مقارنة بالسابق. وفقًا لما نشرته صحيفة سكاي نيوز عربية.
ويبدو أن مسار التحوّل الذي تشهده صناعة التمويل، سيصبح أسرع في السنوات الخمس المقبلة، وذلك بفضل التطورات الكبيرة التي تشهدهما تقنيتان قويتان، هما البلوكشين والذكاء الاصطناعي، اللتان ستؤديان إلى قلب هذا القطاع رأساً على عقب. فرغم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، يشغل العالم حالياً ويكتسب نصيب الأسد من الضجيج والاهتمام، ويعتبره البعض بمثابة التكنولوجيا الوحيدة التي ستدير العالم في المراحل المقبلة، إلا أن التكامل بين البلوكشين والذكاء الاصطناعي التوليدي، هو الذي سيلعب دوراً محورياً في انتقال صناعة التمويل إلى الحقبة التالية. والبلوكشين والذكاء الاصطناعي ليستا بتقنيتيْن جديدتيْن على عالم المال، إلا أن الجديد على هذا الصعيد، سيظهر عند دمج الجيل الأحدث من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أي الذكاء الاصطناعي التوليدي، بأحدث ما توصلت إليه تقنية البلوكشين، لتكون النتيجة إعادة صياغة كاملة للبنية التحتية المالية العالمية.
ما هي تقنية البلوكشين
البلوكشين هي تقنية تسمح لشخص أو شركة ما بنقل أصول ذات قيمة، إلى شخص آخر بأمان، ودون تدخل أيّ وسيط. وببساطة يمكن القول إن البلوكشين هي كتل من البيانات، تتم إدارتها من قِبل مجموعة واسعة من الحواسيب، الموزعة في جميع أنحاء العالم، وغير مملوكة لكيان واحد، حيث ترتبط هذه الحواسيب ببعضها البعض باستخدام مبادئ التشفير، إذ أن شبكة البلوكشين مستقلة، ولا تخضع لأيّ سلطة مركزية. وشبكة البلوكشين تجعل تاريخ أي أصل رقمي غير قابل للتغيير، والمعلومات الموجودة فيها مفتوحة ومتاحة لأيّ شخص، لكي يطّلع عليها، ولذلك يقال إن أي شيء مبني على البلوكشين هو بطبيعته شفاف.
ويقول المستشار المصرفي بهيج الخطيب في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن مستقبل التمويل في العالم، ينتمي إلى البلوكشين والذكاء الاصطناعي التوليدي، فالتكامل بين هاتين التقنيتيْن سيؤدي إلى تغيير أسلوب عمل الصناعة المصرفية التي نعرفها، حيث سيكون على البنوك والمؤسسات المالية، إدخال بعض التغييرات الضرورية على نماذج أعمالها، وتوسيع استثماراتها في هاتين التقنيتين، لتعزيز قدرتها التنافسية مواكبة لاتجاه السوق.
ويرى الخطيب أن ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، انعكست بظلالها على جميع القطاعات، ولذلك فإنه ومثلما ستغيّر هذه التكنولوجيا الهواتف والحواسيب ومختلف المنتجات والخدمات الاخرى، فإنها ستغيّر أيضاً أجهزة الصراف الآلي وبطاقات الائتمان لتجعلها أذكى، كما أنها ستغير طريقة معالجة المصارف لبيانات العملاء، وتمنحها القدرة على تحليل ما يحصل في السوق بشكل أسرع، إضافة إلى إمكانية اكتشافها عمليات الاحتيال بسرعة قياسية، وتقديم خدمة عملاء تديرها روبوتات، ذات مستوى ذكاء أكبر من تلك المتوفرة حالياً.
وبحسب الخطيب فإن القطاع المالي لم يكن ببعيد عن الذكاء الاصطناعي، فهو كان جزءاً لا يتجزأ من هذه التكنولوجيا، لمدة عشر سنوات على الأقل، وذلك عبر روبوتات الدردشة التي كان يتم تصميمها خصيصاً للبنوك، ولكن المختلف الآن، هو ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على التنبؤ وتحليل البيانات بشكل دقيق، ما يسمح بتوفير منتجات مالية مخصصة، فمثلاً يمكن لهذه التكنولوجيا مساعدة البنوك، في إنشاء بطاقات ائتمان، تستهدف بشكل مباشر المستهلك بحسب أولوياته. فتحوّل البطاقات المصرفية الموجودة بين أيدي العملاء إلى بطاقات ذكية، ما سيتيح لإدارات المصارف إدراك اهتمامات العملاء، ثم في مرحلة لاحقة، تقديم بطاقات مصممة خصيصاً لتتناسب وعادات التسوق والإنفاق الخاصة بكل فرد.