هل يصبح الليزر والطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي مستقبل الزراعة؟

34

AI بالعربي – متابعات

في عملية الزراعة والحراثة، لا يوجد ما هو أكثر إزعاجا من إزالة الأعشاب الضارة، ولكن التكنولوجيا الجديدة تساعد المزارعين في جميع أنحاء العالم على التخلص من الأعشاب الضارة بطريقة أكثر كفاءة ومراعاة للبيئة.

تقول ديانا كوفار نائبة رئيس أنظمة الإنتاج والزراعة الدقيقة في شركة جون دير John Deere الأمريكية العملاقة للمعدات الزراعية، إن آلة رش الأعشاب الجديدة التي تسحبها الجرارات يمكن أن تقلل من استخدام مبيدات الأعشاب بنسبة الثلثين.

هل تستطيع أوكرانيا تصدير محاصيلها الزراعية رغم الحرب؟

مستقبل الزراعة “قد يكون بعيدا عن ضوء الشمس”

ويبدو النظام المسمى سي آند سبراي ألتيمت See & Spray Ultimate، وكأنه بخاخ حقل نموذجي تقليدي، إذ يمتد ذراعان طويلان على جانبي الجرار، مزودين بفوهات الرش المنتشرة على طول الجانب السفلي لكل منهما.

لكن ما يجعل هذا النظام مميزا وعالي التقنية هو أنه مزود بـ 36 كاميرا، تقوم بفحص النباتات التي أمامها باستمرار، ويمكنها التمييز على الفور بين المحصول، والحشائش الضارة.

ويتم التحكم بهذا النظام عن طريق برمجيات الذكاء الاصطناعي (AI)، إذ تعمل الرشاشات المتصلة على رش مبيدات الأعشاب مستهدفة الحشائش الضارة فقط بدلا من رش الحقل بأكمله من دون تمييز.

تقول كوفار: “تلتقط الكاميرات الموجودة في نظامنا مليوني بكسل في الثانية، ما يجعل هذا النظام فعالا وسريعا بشكل منقطع النظير”.

ولمساعدة البرنامج في التعرف على الأعشاب الضارة ، توفر شركة جون دير أكثر من 300 مليون صورة في قاعدة بياناتها.

يعمل النظام حاليا على ثلاثة محاصيل فقط هي الذرة وفول الصويا والقطن، كما أنه متوفر حتى الآن في الولايات المتحدة بشكل حصري.

بالنسبة للمزارعين في أماكن أخرى من العالم، طور عدد من الشركات المنافسة، الكبيرة والصغيرة على حد سواء، تقنيات ذكية لإزالة الأعشاب الضارة. ومن بين هؤلاء شركة بوش باسف سمارت فارمينغ Bosch BASF Smart Farming الألمانية، التي يُطلق على آلة إزالة الأعشاب الضارة التي تعمل باستخدام الكاميرا لديها اسم Smart Spraying Solution.

يقول نداف بوشر، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة غرينآي تيكنولوجي Greeneye Technology الإسرائيلية، وهي الأخرى شركة مصنعة لأنظمة إزالة الأعشاب الدقيقة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي: “يتمثل التحدي الأكبر في الزراعة في حقيقة أن الأعشاب الضارة تتنافس مع المحاصيل على المساحة والغذاء والمياه”.

وتعليقات بوشر تماثل ما أفادت به دراسة صدرت عام 2021 إذ قالت إن التكلفة المالية السنوية الناجمة عن وجود الأعشاب الضارة ضمن محصول واحد محدد، ألا وهو القمح الشتوي في الولايات المتحدة وكندا، يمكن أن تصل إلى 2.2 مليار دولار (1.8 مليار جنيه إسترليني).

ويقول بوشر، الذي يدعي أن النظام الذي تستخدمه شركته يمكنه تقليل مستويات الضرر بنسبة 80 في المئة: “من الصعب تخيل نوع الضرر الكارثي الذي أحدثته الزراعة في العقود الماضية، بسبب الاستخدام المفرط لمبيدات الأعشاب”.

وأضاف: “إن ذلك يؤدي إلى هذا المستوى المرتفع من تلوث التربة، الذي يعود بالضرر علينا كمستهلكين، ويضر بالنظام البيئي بأكمله”.

ويضيف بوشر أنه في حين أن أنظمة إزالة الأعشاب الضارة ذات التقنية العالية باهظة الثمن، فإن نظام شركة غرينآي يمكنه أن يغطي تكاليفه في أقل من موسمين، إذ أنه باستخدامه ينخفض استهلاك مبيدات الأعشاب، وتزداد كمية المحاصيل.

يقول دانيال ماكان، الذي يدير شركة تقوم أيضا باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في حل مشكلة التخلص من الأعشاب الضارة: “يعد الذكاء الاصطناعي بمثابة تغيير جذري في تطور الزراعة، إنه أشبه بالانتقال من استخدام الثيران في الحراثة إلى استخدام الجرارات”. ولكن شركته بريسيشن إيه آي Precision AI، تستخدم طائرات بدون طيار للتحليق فوق الحقول في الغرب الأوسط الأمريكي لاستهداف الأعشاب الضارة.

علماء ينجحون في تسخير ضوء الشمس لزيادة المحاصيل الزراعية

لماذا يعتبر الدقيق المصنوع من الفطر والقرنبيط أفضل من دقيق القمح؟

وفي مقرها الكائن في ريجينا، ساسكاتشوان في كندا، قامت شركة Precision AI بتغذية قاعدة بياناتها بأكثر من مليوني صورة. يقول ماكان إن هذا العدد الهائل من الصور كان ضروريا لأن “المحصول نفسه يمكن أن يبدو مختلفا تماما إذا تم زراعته، على سبيل المثال، في تربة رملية، مقارنة بالتربة التي تتساقط فيها الكثير من الأمطار وتحظى بالكثير من أشعة الشمس”.

يقول ماكان إن الطائرات بدون طيار التي تحلق على ارتفاع 10 أقدام (3 أمتار) فوق الأرض، يمكن أن تجلب راحة البال: “نحن نعيش الآن في عالم أصبح فيه المستهلك أكثر وعيا لما يوجد في طعامه، وبات يطالب باستخدام أقل قدر ممكن من المواد الكيميائية في انتاج الفاكهة والخضار والمحاصيل الأخرى”.

ولكن مهما كانت طريقة رش المبيدات متقدمة، لا يزال المزارعون يواجهون معركة شاقة ضد الأعشاب الضارة. يقول مايكل جور ، الأستاذ في قسم تربية النبات وعلم الوراثة في جامعة كورنيل: “تتطور بعض الحشائش لتبدو أكثر شبها بالمحاصيل التي تنمو بجوارها، وبذلك قد يصعب العثور عليها”.

كما يضيف: “علم الأحياء غالبا ما يفوز في النهاية، لكن هذا لا يمنع أني معجب جدا بالطريقة التي تبتكر بها الشركات هذه الأدوات التي تتطور باستمرار”.

ونظرا لارتفاع تكلفة تقنيات إزالة الأعشاب الضارة الجديدة، يأمل بعض الخبراء في أن يحصل المزارعون على مساعدة مالية من حكوماتهم، حتى يتمكنوا من اقتنائها.

يقول البروفيسور ميهاليس كريتيكوس، محلل السياسات في البرلمان الأوروبي، والخبير في الجوانب القانونية والأخلاقية للتحديث والتقنيات الناشئة: “هناك حاجة إلى إعانات مالية كبيرة يمكن أن تساعد المزارعين على التغلب على عدم قدرتهم على تغطية تكلفة التقنيات الرقمية”.

أحد ابتكارات إزالة الأعشاب الضارة التي تبتعد تماما عن رش مبيدات الأعشاب، تستخدم أشعة ليزر حرارية عالية الطاقة تقضي على الأعشاب بمجرد التعرف عليها بواسطة الكاميرات المدعمة بالذكاء الاصطناعي.

وقد أطلق على هذا الابتكار اسم ليزرويدر LaserWeeder، وطُور من قبل شركة كاربون روبوتيكس Carbon Robotics ومقرها سياتل في الولايات المتحدة. وتزعم كاربون روبوتيكس أن ابتكارها يمكن أن يقضي على ما يصل إلى 100 ألف عشبة في الساعة.

يشرح بول مايكسيل، الرئيس التنفيذي لشركة كاربون روبوتيكس، أن الليزر يدمر الأعشاب الضارة على الفور، ومن ثم تُعاد البقايا المحترقة إلى التربة.

وقد استخدم هذا النظام في حقول البطاطا (البطاطس) والبصل والثوم في عدد من الولايات الأمريكية مثل كاليفورنيا وواشنطن وأيداهو.

يضيف مايكسيل أن الوحدات الأولى التي انتجتها الشركة بيعت فور طرحها في السوق العام الماضي، وهم الآن في طور تصنيع كمية أكبر للأسواق الأمريكية والكندية. ومن المتوقع أن يكون التوسع في أوروبا في الخطة قريبة المدى.

يسمح قتل الحشائش بالليزر للمزارع بتجنب “انتشار المبيدات إلى المحصول” المخيف الذي يمكن أن يحدث عند رش مبيدات الأعشاب، حتى لو كان الاستهداف دقيقا قدر الإمكان. يقول مايكسل: “إذا قمت برش أي شيء في الهواء الطلق، فسوف ينتشر لا محالة بطريقة ما”.

اترك رد

Your email address will not be published.