الذكاء الاصطناعي حتى في الفن

6

ليان دمنهوري

لا يخفى على الجميع أن كثيرًا من الوظائف الحالية ستنقرض بوجود الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي. فالإنتاجية الآلية تفوقت على الكوادر البشرية بشكل مذهل مع ظهور برامج وأدوات أفضل في القدرة والدقة وسرعة الإنتاج من مواهب العقل البشري مجتمعة.

ولكن هناك واقعة حدثت مؤخرًا تظهر لنا مدى تفوق الذكاء الاصطناعي في مجالات لم نتوقعها.
في شهر سبتمبر الماضي أقيمت مسابقة سنوية للفنون في ولاية كولورادو، حين شارك الفنان الأميركي جيسون ألين بلوحة إبداعية فازت على المشاركين الآخرين، وقد أثار جدلًا في الوسط الفني، واعترض الكثيرون على مشاركته، وعلى نيله للجائزة حيث لم يصنعها يدويًا، وإنما أنتجها من خلال برنامج يستعين بالذكاء الاصطناعي. هنا واجه الفنان هجومًا من الفنانين المحترفين على أنه غش في المسابقة، وأنه لم يستخدم الفرشاة أو أدوات رسم، بل اعتمد على أكواد ليدخلها في البرنامج، ويصنع عملاً فنياً. بالرغم من ذلك لا ينكر الجمهور أن اللوحة التي أنتجت تعتبر إبداعية ومميزة للغاية تفوقت على أغلب أعمال الفنانين البشر.

وهنا السؤال: إذا كان الغرض من الفن أن يخلق عملاً جميلاً ومحفّزاً للفكر، فهل يهم إذا كان من صنع الإنسان أو الذكاء الاصطناعي؟ هل الفن يرمز إلى قدرة الإنسان على توليد الأعمال المعقدة والابتكار، وهل بالفعل قيمة الفن في ذلك؟
قد يكون الأمر مغرياً للطالب الجامعي أو المؤلف أو الباحث أن يلجأ لبرامج من هذا القبيل حيث تساعد من تخفيف الأعباء، وتقوم بالجزء الكبير من العمل الشاق لتعد محتوى جاهزاً خلال ثواني. ورأينا أن من الصعب التمييز بين العمل البشري والآلي. وهذا لا يقتصر على الأعمال الأكاديمية، فقد أبهر الجميع عندما أحدث التقنيات المسمى “بشات جي بي تي” قام بتأليف أغاني أصلية مع ألحان وكلمات جميلة ومؤثرة. روبوت الدردشة “شات جي بي تي” يشكل تحولاً في عملية البحث على المعلومات في الإنترنت إلى درجة تفوق الطريقة التقليدية لقوقل حيث تقوم بتحليل عدد هائل من البيانات عند المحادثة مع المستخدم، حتى لو طلب منه أن يؤلف أغنية. دائما ما نتخيل أن الفرق بين الآلة والإنسان هو العواطف وقدرة على التعبير على المشاعر وبالفعل الفن يتطلب ذلك.

سواءً أردت أن تصنع الابتكار، أو تقوم بعصف ذهني لمشاريعك، فكل ما عليك فعله هو إدخال تعليمات للبرنامج، وسيقوم بإنجاز العمل المطلوب بشكل محترف وبروح بشرية، من خلال التواصل مع البوت في محادثة سلسة لم نرها بعد في تعاملنا مع قوقل.
البعض قد يجدها تقنية ذكية تساعد الهاوي أن يقفز إلى المستوى الاحترافي بأقل مجهود ثم إننا نستطيع أن نستعين بهذه التقنية لتوليد المزيد من الأفكار والتفاعل معها فالاحتماليات لا محدودة. ولكن من جهة أخرى يجب أن تتأقلم القطاعات مع هذه التقنية، فإن إحدى المخاطر لهذه التقنية إن لم نوظفها من أجل مصلحتنا قد تؤدي إلى سلوك مشجع على الكسل والاعتماد على الذكاء الاصطناعي لدرجة أن الإنسان يفقد الدافع للبحث والقراءة والاستنتاج وحتى التفكير.. حان الوقت أن نفكر من منظور مختلف عن الصراع بين الإنسان والآلة فهل من الممكن أن نغير السيناريو حيث يفوز الجميع، ويمكننا إيجاد طريقة للتعاون معًا؟.

اترك رد

Your email address will not be published.