ذكاء الآلة.. قوة هائلة

18

د. تركي آل رشيد

ترصد جامعة ستانفورد الأميركية مبلغ 6.5 مليارات دولار سنويًا من أجل الأبحاث والاستكشافات في مجال الذكاء الاصطناعي. وجامعة ستانفورد هي من المؤسسات التعليمية العريقة والقليلة التي خصصت برامج دقيقة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا المجال الحديث والمتقدم والصعب، الذي يحتاج إلى عقول فريدة ساعية لتطوير حياة الإنسان من خلال تقنيات تحاول قدر المستطاع أن تُحاكي الذكاء البشري وتجاوزه. إحدى تلك البرامج التي تسعى جامعة ستانفورد لتطويرها وإنجازها، هو إيجاد أنظمة وخوارزميات تجعل الآلة تفهم بدقة اللغة البشرية باختلاف كلماتها ولهجاتها، وفهم المعنى اللغوي، بالإضافة إلى تحليل المشاعر.

لا شك أن التقنية تتطور بشكل لافت وسريع، وهذا بدوره ‏طوَّر كل المجالات التي تعتمد على التقنية، وأصبح مهمًا لحد ضرورة أن يتم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجالات التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة. ‏الذكاء الاصطناعي له فوائده العديدة للإنسان والمجتمعات، والصناعة، والصحة، والتعليم. ‏وبناء على ذلك أدركت العديد من الدول أن تواكب موجة التغيير والحداثة التقنية الهائلة، وخصصت ميزانيات ومشاريع‏ هائلة للاستثمار والاستكشاف في هذا المجال المعقد. ‏المملكة العربية السعودية إحدى أهم الدول التي تسعى أن تكون أيقونة مؤثرة ومتطورة في هذا المجال، وهي في طريقها لتصبح إحدى أفضل خمس دول في العالم من حيث الريادة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ‏وهي من المجالات التي تراها الدولة أن تسهم في نهضة البلاد بما يتوافق مع مستهدفات “رؤية السعودية 2030”. ‏السعودية منفتحة على هذا المجال لتطوير إمكانياتها البشرية أجمع، وهي التي عقدت – مؤخرًا – قمة بعنوان “الذكاء الاصطناعي لخير البشرية”، شارك فيها أفضل العقول العالمية والمؤثرة في هذا المجال. ‏وهذا أسلوب يرتقي للأخلاقيات الرصينة في مجال الذكاء الاصطناعي التي تسعى لتضافر الجهود الدولية من أجل تطوير حياة الإنسان.

‏وعكس ‏الأخلاقيات الراقية في هذا المجال، هو الانكفاء وعدم إشراك الآخرين في هذا التطور الكبير، الذي ندد به مؤسس شركة تيسلا “إيلون ماسك” في مقابلة تلفزيونية؛ إذ أشار “ماسك” إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي قد لا يكون حميدًا، خصوصًا إذا قامت إحدى الجهات منفردة بابتكار ذكاءٍ رقميٍّ خارق يتفوق على الإمكانيات البشرية. وألمح إلى أن تطوير هذا المجال ينبغي أن يقوم على العمل المشترك بين الدول والمؤسسات، وذلك من أجل فائدة البشرية، وليس لاحتكاره والسيطرة عليه بما لا يفيد الناس.

الذكاء الاصطناعي رغم حداثته، أظهر العديد من الفوائد المؤثرة في مجالات متنوعة، فهو يساعد على تقليل أخطاء البشر، ويزيد من الدقة في التعاملات الإلكترونية. ‏كما أن العديد من خبراء الموارد البشرية أشاروا إلى أن البشر لا ينتجون في أعمالهم إلا حوالي ثلاث إلى أربع ساعات في اليوم، نظرًا لحاجة الإنسان إلى فترات راحة وإجازات من أجل تحقيق التوازن بين الحياة العلمية والحياة الشخصية. ‏لكن في المقابل يمكن للذكاء الاصطناعي العمل بلا نهاية ودون فترات راحة، وكذلك يمكن للتقنيات التي تعتمد على هذا النوع من الذكاء، القيام بمهام متعددة في وقت واحد وتحقيق نتائج دقيقة. ومثال على ذلك، هو الروبوتات الصناعية التي تستخدم في المجال الطبي والكشف عن الأمراض، أو حتى في المجال الإعلامي، وذلك في كتابة الأخبار، مثل ما قامت به قناة MBN ‏الكورية الجنوبية التي صممت مذيعة تعمل على الذكاء الصناعي؛ إذ انضمت هذه المذيعة إلى فريق تلفزيوني وخضعت لتدريبات تتضمن نبرة الصوت وتعبيرات الوجه، واستطاعت هذه المذيعة التقنية من مشاركة 1000 كلمة في الدقيقة.

‏لا شك أن التفاصيل الهائلة والمذهلة سنجدها عندما نبحر في التعرّف على استخدامات الذكاء الاصطناعي، سواء في المجالات الطبية، أو الصناعية، أو العسكرية، أو غيرها من المجالات الأخرى. والأهم في ذلك هو تطوير هذا الذكاء الفريد من أجل “خير البشرية”.

*أستاذ الإعلام والاتصال المساعد

اترك رد

Your email address will not be published.