الذكاء الاصطناعي .. لب الاستعراض التكنولوجي
AI بالعربي – متابعات
هل عروض التكنولوجيا التجريبية البراقة أم تكنولوجيا حقيقية بدأت بالفعل في تغيير عالم الأعمال وحياة العمل بالنسبة إلى ملايين؟ لطالما عرف الذكاء الاصطناعي باعتباره أهم تكنولوجيا جديدة مستخدمة للأغراض العامة طوال جيل كامل، لكن ما هو أقل وضوحا كيف سنشعر بتأثيره في الحياة اليومية للأعمال.
تعد المؤتمرات السنوية للمطورين الأسبوع الماضي التي نظمتها بعض أكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية لحظة مناسبة لقياس مدى الاهتمام بها. استعرض القسم السحابي لكل من “مايكروسوفت” و”ميتا” و”جوجل” حجته للمطورين حول الأسباب التي تجعل منصات التكنولوجيا لهذه الشركات تستحق الاهتمام، وقد كانت براعة الذكاء الاصطناعي إلى حد كبير لب الموضوع.
ادعى سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لـ”جوجل” قائلا “نحن عند نقطة تحول” في التكنولوجيا. حتى لا يتم التفوق عليه، سماها ساتيا ناديلا نظيره في “مايكروسوفت”، “نقطة انعطاف حقيقية”. هذه المزاعم لم تكن جديدة، لكن الدرجة التي وصل إليها الذكاء الاصطناعي في كثير من منتجاتهما وخدماتهما كانت واضحة.
من الأمور الرئيسة التي دخلت في المنافسة بين المنصات السحابية العملاقة توفير الأدوات اللازمة لكبار العملاء لجمع البيانات وإعدادها، وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، والانتقال بالتكنولوجيا إلى الممارسة الفعلية. ترتكز عروض المبيعات من شركات التكنولوجيا الآن بشكل كبير على سهولة الاستخدام والتكلفة المنخفضة لهذه الخدمات تحديدا، في إشارة واضحة إلى أن التكنولوجيا وصلت مرحلة الاستخدام على نطاق أوسع.
في الوقت نفسه، أعادت “جوجل” تكرار الحجة القديمة نفسها أمام عالم الأعمال بأنها تقدم تكنولوجيات متقدمة طورتها لتستخدم في خدماتها على الإنترنت. لكن ما زالت تحتل المرتبة الثالثة خلف “أمازون ويب سيرفيسيز” و”مايكروسوفت” في سوق الخدمات السحابية بل وتكافح كي تترجم ريادتها في أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى ميزة تجارية.
تحاول أحدث خدمات الأعمال التي تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأساسية من “جوجل”، التي تسمى ترانزليشين هب، تحويل محركها للترجمة عبر الإنترنت إلى أداة على مستوى المؤسسات للمنظمات التي تعمل في دول مختلفة. كما هي الحال دائما، سيكون الاختبار هو إذا ما كانت ستتوصل إلى ابتكار خدمة عملية تلبي احتياجا حقيقيا في العمل، بدلا من مجرد إعادة عرض تكنولوجيا مثيرة بطريقة جذابة.
إضافة إلى تسليم العملاء أدوات الذكاء الاصطناعي العامة، أظهر مؤتمر إجنايت لـ”مايكروسوفت” أيضا عدد خدماتها التي تعتمد الآن على هذه التكنولوجيا. يتضمن ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي للتسهيل على المستخدمين من الشركات إنشاء تطبيقات خفيفة، وذلك جزء من ثورة “البرمجية المنخفضة” التي تضع قوة البرمجة بين أيدي كثير من غير المبرمجين.
تقود “مايكروسوفت” أيضا السباق لإنشاء منتجات مفيدة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تنتج تلقائيا نصا أو صورا تتناسب مع تحفيز محدد. أحدث تلك المنتجات هو ديزاينر، الذي يتضمن نظام دال-إي 2 لتوليد الصور “باستخدام الذكاء الاصطناعي” في برمجية تستهدف الشركات الصغيرة. إلى جانب قوالب التصميم التي تساعد المستخدمين على تصميم موادهم التسويقية وغيرها من المواد. تقول “مايكروسوفت”، إن الخدمة ستقترح محتوى أصليا، وهو تحد محتمل لشركات برامج التصميم مثل “أدوبي” و”كانفا”.
يوضح برنامج ديزاينر من “مايكروسوفت” مدى السرعة التي تنتقل بها الأنظمة التوليدية مثله إلى الاستخدام العام. لكن لا تزال كثير من التطبيقات التي تمت مناقشتها في مؤتمر “مايكروسوفت” نظرية، يعتمد النجاح على تكنولوجيات إظهارها بطرق تجعلها آمنة وفاعلة من حيث الإنتاج عند استخدامها، إضافة إلى تناسبها مع الممارسات المتبعة حاليا في العمل.
كانت المؤتمرات التكنولوجية الأسبوع الماضي أيضا بمنزلة تذكير بأن الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا الرئيسة التي تجعل عالم ميتافيرس الافتراضي ممكنا، على الرغم من أنه هنا، على الأقل، لا يزال محدودا إلى حد كبير ضمن مجال عروض التكنولوجيا التجريبية. كان ذلك واضحا أكثر في السباق لإنشاء الصور الرمزية “أفاتار” الأكثر واقعية لملء العوالم الرقمية المستقبلية. وفقا لما أوضحته شراكة عقدت الأسبوع الماضي لجلب اجتماعات “مايكروسوفت” في مكان العمل مع أدوات أخرى للإنتاجية إلى نظارات الواقع الافتراضي لـ”ميتا”، فإن العاملين هم إلى حد كبير أول الأسواق المستهدفة.
أذهلت “ميتا”، التي ضخت استثمارات في العالم الافتراضي أكثر من أي من منافسيها، الكثيرين بعروض من مختبراتها البحثية الأسبوع الماضي تظهر فيها الخطوات الكبيرة التي تتخذها في سبيل تصميم الصور الرمزية الأكثر واقعية. بينما قالت “جوجل”، التي كان أداؤها أفضل، إنها مستعدة للسماح لبعض الشركات باستخدام نماذج أولية من جناح بروجيكت ستارلاين، حيث يمكن للمستخدمين التحدث والتواصل بصريا مع نسخ ثلاثية الأبعاد وشبه واقعية لزملائهم العاملين في أماكن بعيدة.
لكن في الوقت الحالي، يعد نظام “مايكروسوفت” الأكثر بدائية الذي يعتمد على المستخدم نفسه في تصميم الصورة الرمزية، والمستخدم في برنامج تيمز للاجتماعات، هو الذي يقود الطريق إلى الاستخدامات التجارية، مع الإعلان عن أن الاختبارات الخاصة الأولى للنظام على وشك البدء مع العملاء. هل سيرغب ملايين الموظفين الذين يستخدمون برامج مايكروسوفت في أن يتم تمثيلهم في مكالمات الفيديو الخاصة بالعمل من خلال صورة رمزية كرتونية؟ إذا كانت الإجابة نعم، فستكون خطوة كبيرة إلى الأمام في عالم جديد من العمل، يشكله الذكاء الاصطناعي.