التكنولوجيا في خدمة المرضى

16

AI بالعربي – متابعات

في إطار أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، أُعلن عن هدف صحي شامل هو «ضمان أنماط عيش صحية للجميع» بحلول 2030، وتحقيق ذلك من خلال «التغطية الصحية الشاملة» وضمان عدم ترك أي شخص وراء الركب. يقول الخبراء إن العيادات المتنقلة المستقلة المتضمنة وظائف «طبيب الذكاء الاصطناعي» قد تحقق ذلك، لأنها تحل مشكلتين، التنقل والوصول إلى المعرفة الطبية، داعين إلى البدء بتجربتها في البلدان الأقل نمواً.

تمكنت الصين من حل هذه المشكلة في ستينيات القرن الماضي عن طريق «طبيب حافي القدمين».

وفي وقت أصبحت الزيارات المنتظمة لطبيب الأسرة أمراً روتينياً في حياتنا، حتى الآن ما لا يقل عن نصف سكان العالم يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وبالوتيرة الحالية، يفيد مقال منشور في «المنتدى الاقتصادي العالمي» بأن ثلث سكان العالم سيظل محروماً من تلك الخدمات بحلول 2030، ويبقى العديد من النظم الصحية غير مهيأ بشكل كاف للاستجابة لاحتياجات السكان الذين يتقدمون في السن بسرعة، عدا المصاعب المالية المرتبطة بالارتفاع المتواصل في أسعار المنتجات الصحية، وغيره.

وبناء على ذلك، من الأهمية بمكان تسريع تقديم الرعاية الصحية بأسعار معقولة وعلى نحو غير مقيد بموقع محدد، كمطلب عاجل في سبيل تحديث أنظمة الصحة العامة.

يلفت مستشار البرامج في بنك الأمم المتحدة للتكنولوجيا، أو كونغ، ورئيس معهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات لريادة الأعمال في آسيا، شاوشان ليو، في المقال إلى ثلاث مزايا رئيسية للعيادات المستقلة المجهزة بـ «طبيب يعمل بالذكاء الاصطناعي» في توفير رعاية صحية عالية الجودة ومنخفضة التكلفة.

أولاً، تتيح القيادة الذاتية للمركبات المجهزة طبياً بالتنقل بسرعة إلى الأماكن التي يصعب فيها الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية. وثانياً، تتيح الوصول إلى الرعاية الصحية ومشاركة المعرفة في الموقع. وثالثاً، بإمكان أطباء الذكاء الاصطناعي داخل العيادات المتنقلة المستقلة تحسين الأداء والدقة عبر التعلم الآلي بمرور الوقت وتوفير فحوصات شاملة واختبارات وتشخيص أولي للرعاية الأولية مع حد أدنى من الإشراف البشري، ما يخفض تكاليف الرعاية الصحية، ويمكن المهنيين الطبيين من تركيز مواردهم على حالات محتاجة لا سيما في المجتمعات المحرومة.

ويرى الخبيران إمكانية تجربة تلك العيادات التي تعمل بالطاقة النظيفة لتوفير الرعاية الأولية في البلدان الأقل نمواً وفقاً لمنهج ثلاثي. توجيه وظيفة طبيب الذكاء الاصطناعي لعلاج أمراض متوطنة بارزة، وتدريب المركبات الذاتية على التنقل في المناطق النائية والريفية، وتطوير حلول ذات صلة مع المجتمعات المحلية والعاملين الصحيين لتشكيل حزمة تربط التشخيص داخل المركبة والسجلات الطبية للمرضى والإحالات إلى التطبيب عن بعد أو الرعاية الشخصية عند الضرورة. وهذا يسهم برأيهم في تحسين وظيفة العيادات المتنقلة المستقلة ودقة تشخيصها بهدف وضع معايير تقنية وصناعية، مثل:

1 – قيادة ذاتية محسنة مع أنظمة احتياطية لتجاوز الأعطال لتقديم خدمات الرعاية الصحية حسب الطلب.

2 – إجراء تطبيب عن بعد عبر الأداء السلس لفئتين من اتصالات البيانات، هما: بيانات استشعار الرعاية الصحية كأجهزة التصوير، وتدفق بيانات الفيديو لخدمات الرعاية الصحية داخل المركبة والتي تتيح الاتصال التفاعلي بين المريض والطبيب عن بعد.

ثالثاً – معايير تصنيع موحدة للمعدات الطبية لتوفير تجربة اختبار سلسة داخل المركبة.

رابعاً – تمكين الرعاية والإحالة المتكاملة عبر ربط السجلات الصحية الإلكترونية وتدريب أطباء الذكاء الاصطناعي.

ويقترح الخبيران نهجاً يتمثل في التركيز على مرض أو مرضين متوطنين لأطباء الذكاء الاصطناعي للتشخيص والعلاج في بلد معين. على سبيل المثال، حمى الضنك التي تعد من الأمراض المدارية، والتي بإمكان طبيب الذكاء الاصطناعي تشخيصها من خلال قياس درجة حرارة المريض وتطبيق الاستبيانات وحلول الرؤية الحاسوبية. وبناء على العلاج المقترح من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يقول الخبيران، إنه بإمكان طبيب الذكاء الاصطناعي وصف رعاية داعمة مثل حمامات الإسفنج الفاترة وغيرها للسيطرة على الحمى، مشيرين إلى أن استهداف هذه الأمراض المتوطنة يأتي بمكاسب سريعة ويتيح إجراء تعديلات بمرحلة مبكرة.

ويرى الخبيران إمكانية استخدام أطباء الذكاء الاصطناعي على أجهزة لوحية مزودة بأجهزة استشعار منخفضة التكلفة مثل مستشعرات درجة الحرارة لإجراء التشخيص الأساسي، مشيرين إلى أن تصنيع الأجهزة اللوحية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي عند إنتاجها بكميات كبيرة توفر سعر منخفض للقطعة الواحدة.

كما يعتقدان بإمكانية تسهيل وتوحيد رعاية صحية هجينة، فعلى سبيل المثال، بمجرد أن ينتهي طبيب الذكاء الاصطناعي من الاختبارات التشخيصية، إذا أشارت النتائج إلى أمراض متوطنة مثل حمى الضنك يتم وصف الأدوية لها، وخلاف ذلك تقوم العيادة المتنقلة المستقلة بنقل السجلات وإحالة المرضى إلى المرحلة التالية من التطبيب عن بعد أو الرعاية الشخصية. وهذا يتطلب تقسيماً للعمل واضحاً وتعاوناً بين نظام تشغيل العيادات المتنقلة والمتابعة الصحية المحلية، كما شراكات مع أصحاب المصلحة المتعددين مع تحديد الأدوار والمسؤوليات والاسترشاد برؤية طويلة الأجل، على أن يجري تصميم المشاريع التجريبية من خلال نهج يحركه الطلب لضمان التزام البلدان في كل مرحلة.

يؤكد شاوشان ليو والذي يملك شركة روبوتات ذكية في مقال آخر نشره في مجلة «فوربس» الأمريكية، إنه من الضروري اتباع طريقة مبتكرة لتقديم الرعاية الصحية لربط جانب العرض بالاستهلاك مع حد أدنى من الاستثمار في البلدان الأقل نمواً، وهذا يمكن أن تؤمنه التكنولوجيا.

يشير شاوشان ليو إلى تجربة الصين في الستينيات فيما يعرف بـ «الطبيب حافي القدمين» والذي شكل حلاً فعالاً وإن أقل تقنية لخدمات الرعاية الطبية، باستهداف أمراض محددة يمكن تصنيفها وعلاجها بسهولة وتدريب عدد قليل من السكان المحليين على تشخيصها وعلاجها، حيث تمكن هؤلاء من أخذ المعرفة ومساعدة العديد من القرى النائية، ليس فقط في تقديم خدمات الرعاية الصحية ولكن أيضاً في نشر المعرفة الطبية الأساسية والضرورية، حيث سرعان ما شكلوا شبكة وطنية لتقديم خدمات رعاية أولية ميسورة التكلفة للغاية.

يقول عن هذه التجربة إنها عالجت عاملين رئيسيين هما، التنقل والوصول إلى المعرفة الطبية اللذين أصبحا في متناول الجميع، في حين يمكن من خلال الابتكارات التكنولوجية جعل هذين العاملين ميسورين للغاية.

يشير إلى أن أحد تلك الحلول العيادات المستقلة المتنقلة، التي لا تحل فقط مشكلة التنقل والوصول، بل بالإضافة إلى ذلك، يشير إلى أن طبيب الذكاء الاصطناعي داخل العيادة يمكنه تقديم الخدمة لعدد غير محدود من المرضى والمساعدة في رفع قيود جانب العرض، لافتاً إلى حدوث انخفاض في تكلفة الروبوتات المستقلة كثيراً في السنوات الأخيرة، لكن قبل انخفاضها إلى مستوى يمكن نشرها على نطاق واسع، يرى إمكانية استخدام بعض التقنيات داخل العيادات، مثل أطباء الذكاء الاصطناعي لخدمات الرعاية الصحية في البلدان الأقل نمواً، وتثبيت أطباء الذكاء الاصطناعي على أجهزة لوحية مزودة بأجهزة استشعار منخفضة التكلفة «كمستشعرات درجة الحرارة» لإجراء التشخيصات الأساسية، وتوزيع هذه الأجهزة اللوحية على البلدان الأقل نمواً لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية، كخطوة أولى لتوفير قدرات تشخيصية وتعليم أساسي لمعالجة بعض مشكلات الرعاية الصحية في البلدان الأقل نموًا.

اترك رد

Your email address will not be published.