ويتوقع الخبراء حدوث تحولات جذرية في حياة البشر خلال العقد المقبل، لتصبح المدن الذكية النمط السائد لحياتنا، فما الذي يعنيه أن تكون المدينة ذكية؟

يعرّف الاتحاد الدولي للاتصالات المدينة الذكية المستدامة بأنها مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، مع تلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة.

والمدن الذكية ليست ترفا بل هي حاجة ضرورية في المستقبل، كما يرى خبراء، على أن يجري تصميمها وفقا لحاجة سكانها وليس استنساخا لتجارب أخرى.

ولأن أكثر من نصف سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول 2050، تصبح أهمية المدن الذكية أكبر.

ويمكن للذكاء الاصطناعي على سبيل المثال أن يؤدي إلى تعزيز استهلاك الطاقة، والتخفيف من حدة الازدحامات المرورية، والكشف عن جودة الهواء، وتنبيه الشرطة إلى الجرائم التي تحدث في الشوارع.

ترى ليلى الحضرمية، وهي مدير تطوير المدن الذكية في المركز الوطني للطاقة في سلطنة عُمان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المدن الذكية”، أو كما يطلق عليها أيضا “المدن المستدامة”، أصبحت حاجة ملحّة لتطبيقها في كل مدننا.

وقالت إن هناك سوء فهم في ترجمة هذا المصطلح، الذي ظهر في الستينيات من القرن الماضي، إذ إن الهدف منه هو إيجاد حلول للتحديات، ومحاولة تطوير الخدمات من أجل توفير حياة كريمة ومستقرة وآمنة لسكان المدينة.

الخوف من تغيير الهوية

وترى الحضرمية أن كل مدينة عربية، لها عنوانها المميز من خلال مجتمعها الذي يقطن فيها، وما لديه احتياجات مختلفة عن المدن الأخرى، وبالتالي فإن المدن الذكية يتم تصميمها بناءً على احتياجات المواطنين وبحسب هوية وثقافة الدولة، وليس لما تم عمله في دولة أخرى.

وتشدد الحضرمية على ضرورة استحداث وتطوير أطر تنظيمية مثل “قوانين البنية الذكية”، التي تُشرّع وتضبط عمل الجهات المعنية بتجهيز البنية التحتية للمدينة الذكية.

تطوير البشر والحجر

وتؤكد الحضرمية أن نجاح مشاريع المدن الذكية يحتاج إلى إشراك المجتمع، وتطوير “البشر والحجر”، حيث يجب أن يكون هناك تطوير مستمر في بناء قدرات العاملين في مشاريع المدن الذكية وبناء مراكز التقنية التي تواكب التطورات التي تحدث في العالم.

ولفتت إلى أن مشاريع المدن الذكية مكلفة جدا، إذ يشكّل هذا الأمر عائقا أمام تبني الكثير من الحكومات في الاستثمار في هذه المشاريع، لذلك قامت معظم الدول بايجاد حلول بديلة في تمويل هذه المشاريع من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.

أذكى مدينتين في الشرق الأوسط

أما إيلي الشوفاني، المحلل الإستشاري في (RMA Advisory)، فيرى في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الدول العربية وبالأخص دول الخليج، تتخذ خطوات متسارعة على طريق تبني مفهوم المدن الذكية، مشيرا إلى أن المدن العربية الأكثر استعدادا للتحول إلى مدينة ذكية، هي المدن التي أمضت وقتا وجهدا لتكتشف هويتها ورغبات سكانها وطموحاتهم، وأسست لتطوير البنى التحتية الرقمية الأساسية كالاتصال والقوة الحاسوبية.

ولفت الشوفاني إلى أن الإمارات العربية المتحدة كانت من أولى دول المنطقة، التي بدأت بتأسيس البنى التحتية للمدن الذكية ولا تزال مدينتاها الأساسيتان أبوظبي ودبي، تتصدران الترتيب، كأذكى مدينتيْن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف أن هناك تقدما متسارعا في السعودية، التي تستخدم حاليا بيانات الانترنت بمعدل ثلاث مرات، أكثر من المعدل العالمي وهي تسعى لتشييد أكثر من عشر 10 ذكية ولتتصدر الترتيب العالمي.

الركائز الـ 6 والتطبيق الصعب

وبحسب الشوفاني، فإن ركائز المدن الذكية الأساسية الست هي: المجتمع الذكي، والانسان الذكي، والاقتصاد الذكي، والبيئة الذكية، والحكومة الذكية والتنقل الذكي. وبالتالي فإن كل مشاريع المدن الذكية هي دليل على توسع التطور الرقمي، مشددا على أن هذا التحوّل لن يكون بالأمر السهل والسريع.