المجال العسكري يشهدُ توسعًا كبيرًا في استخدام الذكاء الاصطناعي
AI بالعربي – خاص
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا، في تعزيز القدرات العسكرية التقليدية والمتطورة، فعلى المستوى التشغيلي يعزز الذكاء الاصطناعي، من القُدرات العسكرية باستخدام تقنية “الاستشعار عن بعد”، والإدراك اللحظي للمتغيرات، والمناورة، واتخاذِ قرارٍ تحت الضغط، أما على المستوى الاستراتيجي “التكتيكي” فإن الذكاء الاصطناعي يعزز من عملية صنع القرار العسكري، وستتمكن أنظمة القيادة المعززة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من اكتساب المقدرة على اتخاذ القرار السريع بل والتلقائي بناءً على المعلومات المعززة، الأمر الذي يُجنّبها الأخطاء البشرية ويُكسبها ميزة تنافسية، مقارنة بأنظمة اتخاذ القرار التقليدية.
يتم تعريف سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، على أنه: “سباقٌ بين دولتين أو أكثر على امتلاك قوىً عسكرية مُجهّزة بأفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي”، فمنذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ناقش المحللون إن كان قد بدء بالفعل سباقُ تسلّحٍ عالمي، لامتلاك أفضلِ تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نماذج لأسلحة الذكاء الاصطناعي
بالعودة إلى مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2018 في كوريا الجنوبية، التي شهدت استعراضًا شاركت فيه 1218 طائرة ذاتية التحكم من دون طيار، ومُزودة بأضواء لتشكيل صور معقدة في سماء ليل مدينة “بيونج تشانج”، تخيّل لو بالإمكان استخدام أنظمة التشغيل الذاتية حاليًّا، للتغلب في ساحة معركة على أهداف حقيقية وتحويلها إلى رماد.
سيؤدي إدماج الذكاء الاصطناعي، في نظم الأسلحة ذاتية التشغيل وفي الروبوتات إلى التوسع في استخدامها، وإلى الحد من قدرات أنظمة الردع الحالية، حيث أن استخدام أنظمة الأسلحة المعززة بالذكاء الاصطناعي التي تنفذ مهامها بالكامل د ون تدخل بشري توسعًا كبيرًا.
ولا تزال تقنيات الذكاء الصناعي في القطاع العسكري، ضمن إطار التدريب وليس التشغيل الفعلي لخوض المعارك، كما تُطور كلٌ من روسيا والصين تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية على قدمٍ وساق.
المدفع الرشاش الكوري الجنوبي “سوبر إيجس2”
قال المُصنِّع الكوري الجنوبي للمدفع الرشاش “سوبر إيجس2”: “لا تنام أسلحتنا مثلما ينام البشر، فهي تستطيع الرؤية في الظلام على عكس البشر، إن تقنيّاتنا تسد الفجوات الموجودة في القدرات البشرية، ونريد الوصول إلى اليوم الذي تستطيع برامجنا فيه تمييز ما إذا كان الهدف، صديقًا أم عدوًّا مدنيًّا أم عسكريًّا”.
وتم كُشف النقاب عن المدفع الرشاش الكوري الجنوبي عام 2010، والذي يمكنه تحديد وتتبع وتدمير هدف متحرك في مدى 4 كلم، ويمكن لهذه التكنولوجيا نظريًّا أن تعمل من دون تدخلٍ بشري، لكن عمليًّا تُوضع ضمانات أمان تتطلّب تشغيلًا يدويًّا.
السفينة الحربية ذاتية التحكم “سي هانتر”
تملك الولايات المتحدة العديد من الأسلحة الحديثة، التي تعمل ببرامج الذكاء الاصطناعي الحربية العسكرية، مثل السفينة الحربية ذاتية التحكم “سي هانتر”، التي صُمّمت للعمل لفترات طويلة في عرض البحر دون وجود أيٍ من أفراد الطاقم عليها، وهي قادرة ذاتيًا على توجيه نفسها إلى داخل وخارج الميناء.
واشتُرطت وزارة الدفاع في الولايات المتحدة عام 2017 الإبقاءَ على مُشغّل بشرى كأمرٍ مؤقت، حين يتعلق الأمر بالقتال باستخدام أنظمة الأسلحة ذاتية التحكم.
هاروپ “مسيرة”
نظام الطائرات دون طيار الإسرائيلية هاروپ “أو هارپي 2″، كان من أبرز الأمثلة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فهذه الطائرة المثالية لقمع دفاعات العدو الجوية، مصممة للتسكع في ميدان القتال والهجوم على الأهداف وتدمير نفسها فيها، ويمكن لهذه الطائرة العمل ذاتيًّا بشكلٍ كامل، مستخدمة نظام التوجيه المضاد للرادار، أو يمكن ضبطها على نمط التوجيه البشري، وإذا لم يحدث الالتحام بالهدف، فإن الطائرة ستعود وتهبط ذاتيًّا في القاعدة.
طائرة “هابري” دون طيار المضادة للرادار “اضرب وانسى”
صُمّمت طائرة “هابري” دون طيار المضادة للرادار في إسرائيل، وتُطلقها القوات البرية لتطير ذاتيًّا فوق منطقة معينة، لتجد وتدمر الرادارات التي تطابق معايير مُحدّدة مُسبقًا.
الطائرة الروسية المسيرة “الصياد” أو “خوتنيك”
يطلق عليها طائرة عصر الذكاء الاصطناعي، وهي تنتمي بحسب الخبراء لعصر المعارك “الذكية”، التي تستخدم فيها آليات عسكرية خالية من الطاقم البشري، وقد أُعلِن عنها عام 2019، وتسعى روسيا من وراء هذه النوعية من الطائرات إلى تغيير الملامح الخارجية لحروب المستقبل، كما استفادت روسيا من مشاركتها في الحرب على الأراضي السورية، في اختبار أحدث أنظمتها المسيّرة البرية منها والجوية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، منظومة “URAN-9” البرية القتالية التي استخدمتها في المعارك بسوريا، بالإضافة إلى أنها تطوّر الدبابة المُسيّرة “أرماتا” ضمن برنامج “شتروم”.
مواقف تجاه الذكاء الاصطناعي العسكري
روسيا: صرّح الجنرال الروسي “فيكتور بوندارف”، القائد الأعلى للقوات الجوية الروسية، بأن روسيا تعمل منذ بداية فبراير من العام 2017، على صواريخ موجّهة بالذكاء الاصطناعي، تستطيع أن تأخذ قرارًا بتغيير الأهداف أثناء تحليقها، وازدادت التقارير عن الاستخدامات العسكرية المحتملة للذكاء الاصطناعي، في الإعلام الروسي الممول حكوميا، وفي مايو 2017، صرّح المدير التنفيذي لمجموعة كرونستاد الروسية وهي مقاول دفاعي قائلًا: “يوجد بالفعل أنظمة تشغيل ذكاء اصطناعي ذاتية التحكم بالكامل، تُمكِّن مجموعة من الطائرات بدون طيار من أن تنهي مهامّها بشكل ذاتي التحكم، وأن تتشارك هذه المهام بين بعضها البعض، وتتفاعل فيما بينها”، ومن المؤكد أنه في المستقبل ستطير “أسراب من الطائرات بدون طيار” فوق مناطق القتال، فقد اختبرت روسيا العديد من أنظمة القتال ذاتية التحكم وشبه ذاتية التحكم، مثل النموذج القتالي لشركة كلاشنيكوف “الشبكة العصبية”، المُكوَّن من مدفع رشاش، وكاميرا، وذكاء صناعي يدّعي صانعوه، بأنه يستطيع اتخاذ قرارات التصويب الخاصة به دون أي تدخّل بشري، وفي سبتمبر 2017 صرّح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، خلال خطاب يوم المعرفة الوطني أمام أكثر من مليون طالب، في 16 ألف مدرسة روسية بأن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، ليس فقط بالنسبة لروسيا بل للعالم بأسره، والذي سيصبح رائدًا في هذا المجال سيكون حاكمًا لهذا العالم.
الولايات المتحدة الأميركية: طرح وزير الدفاع السابق “تشاك هاجيل”، ما يُعرَف بـ استراتيجية التغيُّر الثالثة، التي تقول أن التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، هو من سيحدد الجيل القادم من الحرب، ووفقًا لشركة علوم البيانات والتحليل “غوفيني”، فقد زادت وزارة الدفاع الأميركية من استثماراتها في البيانات الضخمة والحوسبة السحابية في مجال الذكاء الصناعي، من مبلغ 5.6 مليار دولار في عام 2011، إلى 7.4 مليار دولار في عام 2016، ومع ذلك فلم تشهد ميزانية مؤسسة العلم القومية في مجال الذكاء الاصطناعي، أي زيادة في عام 2017.
كما تملك الولايات المتحدة العديد من برامج الذكاء الاصطناعي الحربية والعسكرية، مثل السفينة الحربية ذاتية التحكم “سي هانتر”، التي صُمّمت للعمل لفترات طويلة في عرض البحر دون وجود أي فرد الطاقم عليها، فهي قادرة على توجيه نفسها إلى داخل وخارج الميناء، واعتبارًا من عام 2017 اشتُرط أمرٌ مؤقتٌ من وزارة الدفاع في الولايات المتحدة، وهو الإبقاءَ على مُشغّلٍ بشري عندما يتعلق الأمر بالقتال باستخدام نُظُم الأسلحة الذاتية التحكم، ذكرت “جابان تايمز” عام 2018، أن حجم الاستثمار الخاص بمجال الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة يبلغ نحو 70 مليار دولار سنويًا.
الصين: بحسب تقريرٍ صدر من “غريغوري سي ألينفي” في فبراير 2019، من مركز الأمن الأمريكي الجديد والذي يقول: “تعتقد القيادة الصينية بما في ذلك الرئيس شي جين بينغ، أن تفوّقها في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، هو أمرٌ حاسمٌ في مستقبل التنافس العالمي على القوة العسكرية والاقتصادية”، كما صرّح مسؤولون عسكريون صينيون، أن هدفهم هو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التجارية، وذلك لتضييق الفجوة بين الجيش الصيني والقوى المتقدمة العالمية، وقد أدّت العلاقات الوثيقة بين وادي السيليكون والصين، وطبيعة مجتمع الأبحاث الأمريكي المنفتح، إلى جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدّمًا متاحة بسهولة أمام الصين، كما أن الصناعة الصينية قد أضافت العديد من الإنجازات في مجال الذكاء الاصطناعي.