دور الذكاء الاصطناعي في تطوير المؤسسات

156

AI بالعربي – خاص 

أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحًا شاملاً للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو ممارسة لعبة الشطرنج، وغالبًا ما يُستخدم هذا المصطلح بالتبادل مع مجالاته الفرعية، التي تشمل التعلم الآلي والتعلم العميق. ومع ذلك هناك اختلافات، على سبيل المثال: يُركز التعلم الآلي على إنشاء أنظمة تتعلم أو تحسّن من أدائها استنادًا إلى البيانات التي تستهلكها. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من أن كل سُبل التعلم الآلي ما هي إلَّا ذكاء اصطناعي، فإنه ليس كل ذكاء اصطناعي يُعدُّ تعلمًا آليًا.
تعمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى. كما يمكن للذكاء الاصطناعي فهم البيانات على نطاق واسع لا يمكن لأي إنسان تحقيقه، وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال. فعلى سبيل المثال: تستخدم شركة “نتفليكس” التعلم الآلي لتوفير مستوى من التخصيص مما ساعد الشركة على تنمية قاعدة عملائها بأكثر من 25 بالمئة في عام 2017.
معظم الشركات جعلت من علوم البيانات أولوية بالنسبة لها، وما زالت تستثمر فيها بشكل كبير، وفقًا لاستطلاع أجرته شركة Gartner لأكثر من 3000 من المديرين التنفيذيين للمعلومات، صنَّف فيه المشاركون التحليلات والمعلومات المهنية كأفضل تقنيات مميزة لمؤسساتهم. ويرى الرؤساء التنفيذيون الذي شملهم الاستطلاع أن هذه التقنيات هي الأكثر استراتيجية لشركاتهم؛ وبالتالي، فإنها تجذب أكثر الاستثمارات الجديدة.
يقدم الذكاء الاصطناعي قيمة لمعظم الوظائف والأعمال والمجالات، فهو يشمل تطبيقات عامة وتطبيقات لمجالات معينة، مثل:
* استخدام البيانات الخاصة بالمعاملات والبيانات الديموغرافية للتنبؤ بمدى إنفاق عملاء معينين على مدى علاقتهم مع الشركة “أو القيمة الدائمة للعميل”.
* تحسين الأسعار استنادًا إلى سلوك العميل وتفضيلاته.
* استخدام خاصية التعرف على الصور لتحليل صور الأشعة السينية لعلامات السرطان.

استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي
وفقًا لمراجعة أعمال “هارفارد”، تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي في المقام الأول من أجل:
* الكشف عن التدخلات الأمنية وردعها “44 بالمئة”.
* حل المشكلات التقنية للمستخدمين “41 بالمئة”.
* الحد من أعمال إدارة الإنتاج “34 بالمئة”.
* قياس الامتثال الداخلي عند استخدام الموردين المعتمدين “34 بالمئة”.

توجهات أنظمة الذكاء الاصطناعي في قطاع المؤسسات
كشفت شركة “إنفور” الرائدة في تطوير برمجيات الأعمال السحابية للقطاعات المختلفة، عن توقعاتها حول التوجهات التي ستشهدها أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بقطاع المؤسسات خلال الفترات القادمة، وتمثلت في:
– التحول إلى “أجهزة مساعدة رقمية عقلانية”:
سوف تتحول أجهزة المساعدة الرقمية القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى “أجهزة مساعدة رقمية عقلانية”، وذلك بغية تلبية توقعات المستخدمين ضمن قطاع المؤسسات، فمجرد إطلاق الأوامر للمساعد الرقمي للقيام بالمهام الموكلة إليه وجعله يقوم تلقائيًا بمهام معينة لم يعد مُرضيًا للمستخدمين. فعام 2020 شهد قيام المساعدات الرقمية، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، بالتصرف بعقلانية وفهم ما يقوم به المستخدمون وإدراك سياق سير العمليات، وتقديم التوصيات حول الخطوات التالية المحتملة “بناءً على ما اتُّخذ من إجراءات”، فضلاً عن تحديد الأخطاء والإدخالات الصحيحة تلقائيًا، والتفاعل مع المستخدمين من خلال محادثات ديناميكية تتسم بسرعة استجابة عالية.
– تقنيات الذكاء الاصطناعي تساعد في تحديد “الوضع الطبيعي الجديد”:
بدأت منصات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عام 2020 في تحدي طرق التفكير التقليدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بعمليات تسيير الأعمال وتوقّع نتائجها. بمعنى آخر، ستتمكن هذه الأنظمة الذكية من إعادة تحديد افتراضاتنا السائدة حول ما هو طبيعي، وهذا ما سيرفع من مستوى كفاءة عمليات تدريب الموارد وإعادة هندسة عمليات تسيير الأعمال أيضًا، فعند فحص العمليات الخاصة بسلاسل التوريد، على سبيل المثال، لاحظت منصات الذكاء الاصطناعي أن القيم الافتراضية المتعلقة بتواريخ التسليم المتوقعة وتواريخ الدفع المحددة تستخدم عادة في 4 بالمئة فقط من الحالات؛ إذ يقوم المستخدمون دومًا بإدخال قيمهم الخاصة. ولذلك سوف تبدأ أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بمساعدتنا وتمكيننا من تجاهل كافة القيم الافتراضية التقليدية، كما نفهمها اليوم، والعمل بسرعة أكبر اعتمادًا على ما يتوفر من بيانات جديدة من المستخدم دون التقيّد بقواعد أو افتراضات محددة مسبقًا.
– تفعيل استخدام الذكاء الاصطناعي بمختلف القطاعات:
تساعد عمليات التشغيل المهيكلة والتقليدية في كل قطاع في تسهيل استخدام ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي. ففي قطاع التصنيع مثلاً، سوف تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على مساعدة الشركات على إدارة مخزونها من قطع الغيار بفعالية أكبر، وتحسين قدرات التنبؤ بمستوى الطلب ورفع فعالية سلسلة التوريد، فضلاً عن تحسين عمليات مراقبة الجودة ووقت التسليم. وفي مجال الرعاية الصحية سوف تستفيد المؤسسات من أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بغية تحسين قدرتها على دمج البيانات التي يتم جمعها بشكل منفصل عن طريق التطبيقات المختلفة، وتبادل المعلومات مع الشركاء عبر سلاسل الرعاية الصحية، واستخدام تلك البيانات بفعالية أكبر بهدف الاستجابة لمتطلبات الامتثال والقوانين التنظيمية.

عوامل استخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات
هناك ثلاثة عوامل تحث على تطوير الذكاء الاصطناعي عبر الصناعات:
– توفر إمكانية الحوسبة عالية الأداء بسهولة وبأسعار معقولة: إن وفرة قدرة الحوسبة في مجال الأعمال في السحابة، مكّن من الوصول السهل للقدرة على الحوسبة بأداء عالٍ وبأسعار معقولة، وقبل هذا التطور كانت بيئات الحوسبة الوحيدة المتاحة للذكاء الاصطناعي غير قائمة على السحابة وتحتاج إلى تكاليف باهظة.
– وجود كميات كبيرة من البيانات المتاحة للتعلم: يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى التعلم من خلال الكثير من البيانات لإجراء التنبؤات الصحيحة، وقد أدى ظهور أدوات مختلفة لجمع البيانات المُصنفة، بالإضافة إلى تَمَكُّن المؤسسات من تخزين هذه البيانات ومعالجتها بسهولة وبتكلفة ميسورة سواء البيانات الهيكلية أو غير الهيكلية، إلى تَمَكُّن المزيد من المؤسسات من إنشاء خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتدريبها.
– توفر تقنية الذكاء الاصطناعي التطبيقي ميزة تنافسية: تدرك الشركات بشكل متزايد الميزة التنافسية لتطبيق رؤى الذكاء الاصطناعي على أهداف الأعمال وجعلها أولوية على مستوى الأعمال. على سبيل المثال: يمكن أن تساعد التوصيات المستهدفة التي تقدمها تقنية الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات أفضل بشكل أسرع. كما يمكن للعديد من ميزات وقدرات الذكاء الاصطناعي أن تؤدي إلى خفض التكاليف وتقليل المخاطر وتسريع وقت الوصول إلى السوق وغير ذلك الكثير.

مفاهيم غير صحيحة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات
في حين أن العديد من الشركات قد نجحت في تبني تقنية الذكاء الاصطناعي، فإن هناك الكثير من المعلومات الخاطئة حول الذكاء الاصطناعي وما يمكنه فعله وما لا يمكنه فعله. سنكتشف خمس خرافات شائعة عن الذكاء الاصطناعي فيما يلي:
1- يتطلب الذكاء الاصطناعي اتباع أسلوب اصنعها بنفسك. الحقيقة: تتبنى معظم الشركات الذكاء الاصطناعي من خلال الجمع بين كل من الحلول الداخلية وغير التقليدية. يسمح تطوير الذكاء الاصطناعي الداخلي للشركات بتخصيص احتياجات العمل الفريدة؛ وتمكّنك حلول الذكاء الاصطناعي مسبقة الإنشاء من تبسيط التنفيذ بالاستعانة بحل جاهز للاستخدام لمشكلات العمل الأكثر شيوعًا.
2- يوفر الذكاء الاصطناعي نتائج سحرية على الفور. الحقيقة: يستغرق الطريق إلى نجاح الذكاء الاصطناعي وقتًا وتخطيطًا مدروسًا وفكرة واضحة للنتائج التي ترغب في تحقيقها. تحتاج إلى إطار عمل استراتيجي ونهج تكراري لتجنب تقديم مجموعة عشوائية من حلول الذكاء الاصطناعي غير المتصلة.
3- لا يتطلب الذكاء الاصطناعي من الأشخاص تشغيله. الحقيقة: الذكاء الاصطناعي لا يتعلق بسيطرة الروبوتات. تكمن قيمة الذكاء الاصطناعي في أنه يزيد من القدرات البشرية وتخفيف العبء عن موظفيك للتفرّغ للمهام التي تتسم بطابع استراتيجي بقدر أكبر. علاوة على ذلك، يعتمد الذكاء الاصطناعي على الأشخاص لتقديم البيانات الصحيحة له والعمل معها بالطريقة الصحيحة.
4- كلما زادت البيانات، كان ذلك أفضل. الحقيقة: يحتاج الذكاء الاصطناعي للمؤسسات إلى بيانات ذكية. للحصول على رؤى عمل أكثر فاعلية مستمدة من الذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون بياناتك عالية الجودة، ومحدثة وذات صلة وثرية.
5- لا يحتاج الذكاء الاصطناعي للمؤسسات إلا إلى البيانات والنماذج للنجاح. الحقيقة: تعدُّ البيانات والخوارزميات والنماذج بمثابة البداية، ولكن يجب أن يكون حل الذكاء الاصطناعي قابلاً للتوسع لتلبية احتياجات العمل المتغيرة. حتى الآن، تم تصميم معظم حلول الذكاء الاصطناعي للمؤسسات بواسطة علماء البيانات، وتتطلب هذه الحلول إعدادًا وصيانة يدوية وشاملة ولا تتسم بقابلية التوسع لتنفيذ مشروعات الذكاء الاصطناعي بنجاح، أنت بحاجة إلى حلول الذكاء الاصطناعي التي تتسم بقابلية التوسع لتلبية الاحتياجات كلما مضيت قُدمًا مع تقنية الذكاء الاصطناعي.

اترك رد

Your email address will not be published.