فرص استثمارية واعدة لمستقبل رقمي
فدوى البواردي
بداية، ما هو “الاقتصاد الرقمي”..؟ أو كما يطلق عليه “الاقتصاد الجديد” أو “اقتصاد الانترنت”..؟
بتعريف مبسط، الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على قطاع الأنشطة الاقتصادية، والخدمات، والسلع ذات الصلة بالتقنيات الرقمية وبتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدءا من: التجارة الالكترونية، والمدن الذكية، والتعليم الآلي عبر الإنترنت، والملفات الصحية الإلكترونية، والبيع بالتجزئة إلكترونيا، واستخدام المركبات ذاتية التشغيل، وتطبيقات الهواتف المحمولة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والعمل عن بعد، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة بالتقنيات الرقمية.
والمبادرة هذه الأيام هي منتدى “التقنية الرقمية” في نسخته الأولى والذي ينعقد بعنوان “فرص استثمارية واعدة لمستقبل رقمي” من اجل دعم الاستثمار في المملكة، بالتعاون المشترك بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز.
ولهذه المبادرة أهمية كبرى في هذا التوقيت كونها الأضخم من نوعها في المنطقة، حيث توجد الكثير من القطاعات الاستثمارية بالمملكة، تماشيا مع رؤية 2030، وانطلاقًا من مبادرة “استثمر في السعودية”، وهي قطاعات “الصناعة” و”الطاقة والمياه” و”الرعاية الصحية” و”التعدين” و”السياحة والثقافة” و”التعليم” و”العقارات” و”النقل والخدمات اللوجستية” وكذلك قطاع “المعلومات والتكنولوجيا”. وأهمية المبادرة في هذا التوقيت تاتي تماشيا مع أساسيات الاقتصاد الرقمي، وأحد هذه الأساسيات هو بناء وتطوير بيئة رقمية استثمارية جاذبة، وكذلك تحقيق التنوع الاقتصادي، وزيادة التنافسية، من أجل تحقيق التنمية المستدامة في المملكة.
وبلا شك، فإن اغتنام فرص الاقتصاد الرقمي تعتمد بشكل كبير على ثقة المستثمرين في البيئة الرقمية بالمملكة العربية السعودية، وعلى قدرة المملكة في خدمة المجتمعات التقنية داخل المملكة وفي منطقة الشرق الأوسط، كونها مثال يحتذى به في تطبيق أفضل الممارسات في قطاعات التقنية والمعلومات والاتصالات، وهذا جميعه ينسجم تماما مع وصول المملكة العربية السعودية إلى مراكز دولية متقدمة في المؤشرات العالمية الرقمية؛ حيث حققت المرتبة الثانية عالميا في المؤشر العالمي للامن السيبراني، والمرتبة الأولى عربيا والثانية والعشرين عالميا في مؤشر الذكاء الاصطناعي، كما ان المملكة تصدرت مجموعة دول العشرين في النمو الرقمي، وحصلت على المركز التاسع عالمياً في محو الأمية بالمهارات الرقمية، والمرتبة التاسعة عشر في قائمة اكبر اقتصادات العالم.
وهذه الإنجازات الضخمة، خلال سنوات قليلة، هي الوقود الذي يساعد على بناء الشراكات الدولية الكبرى، واغتنام فرص الاقتصاد الرقمي والاستثمارات المحلية والأجنبية.
ودور المملكة كمركز تقني إقليمي، يحتفي بالمبتكرين والمبرمجين والرياديين في غاية الأهمية، فبالاضافة إلى العديد من المبادرات التي قد سبق اطلاقها وتنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية في مجالات الأمن السيبراني وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرها من المجالات، فإن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بالتعاون مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، خلال المنتدى يقومون بإطلاق عددا آخر من المبادرات التقنية الإقليمية، وذلك ايضا بالشراكة مع عدة جهات محلية، من القطاعين الحكومي والخاص، وعدد من الشركات الدولية، بهدف دعم المبتكرين والمبرمجين والرياديين.
كما هو الإعلان في المنتدى أيضا عن العديد من الشراكات الجديدة الضخمة مع جهات عالمية ورائدة في صناعة التقنية، ومؤسسات التدريب والتطوير بمختلف القطاعات التقنية حول العالم، من أجل بناء وتأهيل الطاقات البشرية والقدرات الوطنية من المبتكرين والمبرمجين والرياديين، وكذلك دعم منظومة الأعمال الرقمية، وتمكين المجتمع التقني والتحول الرقمي، تماشيا مع رؤية 2030.
ومن المبادئ الرئيسية للاقتصاد الرقمي هو “الوصول” بما في ذلك توفر البنية التحتية الرقمية اللازمة، ووجود رأس المال البشري الذي يتم تاهيله كطاقات بشرية منتجة.
ومن مبادئ الاقتصاد الرقمي أيضا، هو توفر البيانات والمنصات الرقمية والتقنيات الحديثة كجزء أساسي من منظومة الاعمال الرقمية، وكذلك دعم الابتكار وتحقيق الرخاء الاجتماعي والشمولية، وتعزيز الثقة في البيئة الرقمية من قبل المستثمرين ورواد الاعمال، وانفتاح السوق المحلي والدولي.
وجميع تلك العوامل تنعكس على استثمار فرص الاقتصاد الرقمي وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن المهم جدا ذكر أنه ومن المتوقع ان يتجاوز حجم سوق تقنية المعلومات والتقنيات الناشئة في المملكة 27 مليار دولار بحلول عام 2025م. ومن أبرز مصادر الميزة التنافسية للاقتصاد الرقمي هي الابتكار والمرونة والجودة.
ومن مكونات الاقتصاد الرقمي أنه يتضمن دعم الابتكار والبحوث العلمية الضرورية للتطور، وبناء القدرات الوطنية، وإلهام الطاقات الشبابية وتدريبها وتأهيلها، وخلق وظائف المستقبل وتطوير أساليب العمل، ونشر الثقافة الرقمية، ورفع الوعي التقني،، واستخدام الأنظمة والتطبيقات الذكية بشكل يومي، من اجل ضمان استمرارية الاعمال ورفع جودة الحياة.
كما ان جهود المملكة في مسار الابتكار كبيرة، ومن أحد تلك الجهود إصدار مجلس الوزراء السعودي، في عام 2021، قرارًا بإنشاء “هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار”، وهي هيئة يرأس مجلس ادارتها وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، تعنى من خلال مرتكزاتها، على تأسيس منظومة وطنية لتنمية قطاع البحث والتطوير والابتكار وريادة الاعمال في المملكة.
وذلك جميعه يؤدي إلى الوصول لاستدامة المجتمعات التقنية والتي تقود للابتكار.