تأثير كبير للذكاء الاصطناعي في مجال القانون والمحاماة
AI بالعربي – “خاص”
يعتبر الذكاء الاصطناعي التطوّر التكنولوجي الأكثر تشويقًا في عصرنا الحديث، وعلى صعيد الممارسة في المجال القانوني، كان له دور بارز في تبيان تصور واستنتاج استباقي، عن نتائج الدعاوى القضائية الأكثر إحتمالًا بدقة وشمولية وبسرعة قصوى، كما يساهم في إرشاد القانونيين وتنويرهم لوضع وتحديد استراتيجيات التقاضي.
تحتاج شركات المحاماة إلى جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها لتظل قادرة على المنافسة، حيث يقول “جيسون برينان” الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة “Luminance”: “إن الذكاء الاصطناعي هو جزء من الحل مما يسمح للمحامين الشباب بمراجعة كميات هائلة من الوثائق بسرعة، والحصول على مزيد من الوقت في عمل الأكثر جدوى، وتحقيق أهداف التوازن بين العمل والحياة” .
وتبحث شركات المحاماة دائمًا عن طرق لتمييز نفسها عن المنافسين والاحتفاظ بأفضل المواهب. قد يظل الحصول على شريك في شركة رفيعة المستوى في نيويورك، حلمًا للعديد من خريجي كليات الحقوق، لكن سوق العمل الديناميكي المتزايد والمعدل المرتفع من الإرهاق القانوني، جعل معركة الشركات لجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها أكثر شراسة من أي وقت مضى. إن فهم ما يجعل المحامين الشباب “علامة” ليس أمرًا حيويًا فقط للاحتفاظ بالمواهب، بل هو أيضًا مفتاح للتطور المستمر للصناعة، وفقًا لاستطلاع حديث أجرته Fresh Field” Bruckhaus Deringer”، يقدر المحامون اليوم الرضا الوظيفي والتقدم الوظيفي والتوازن الصحي بين العمل والحياة على رواتبهم.
غالبًا ما يكون تحقيق هذه الأهداف صعبًا، وذلك مع تزايد بيانات المؤسسة بشكل كبير، يزداد أيضًا حجم المستندات التي يحتاج المحامون لفحصها، ويضاعف من ذلك الحاجة إلى البقاء متوافقًا مع التغييرات التنظيمية، مثل انتقال “Libor” أو قواعد خصوصية البيانات، التي تم سنها مؤخرًا مثل القانون العام لحماية البيانات “GDPR”، وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا. إن التعقيد المتزايد لكل من الأطر القانونية والبيانات قيد المراجعة يجعل وظائف المحامين أكثر صعوبة، وغير قابلة للإدارة في كثير من الأحيان، وفي هذا السياق يعد تزويد المحامين الشباب بالأدوات التي ستتيح لهم ليس فقط مراجعة كميات هائلة من الوثائق بسرعة، ولكن أيضًا تحقيق أهدافهم المهنية يعد أمرًا بالغ الأهمية، وقد تكون التكنولوجيا جزءًا من الحل.
استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال المحاماة
هناك تجربة صادمة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي في مجال القانون والمحاماة، من شركة ناشئة لديها برنامج خاص لمراجعة العقود القانونية باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وقامت بتحدي بين مجموعة من 20 محامي لديهم خبرة في مجال القانون، وبين خوارزمية خاصة بها لمراجعة العقود.
تضمنت المجموعة مستشارين ومحامين من شركات عالمية مثل شركة “Goldman Sachs”، و شركة “Cisco”، وشركة “Alston & Bird”، بالإضافة إلى محامين عامين وممارسين فرديين، والتحدي كان مراجعة مخاطر مضمّنة في 5 عقود وعدم الإفصاح أو “NDA- Non-disclosure Agreements”.
وكانت النتيجة الصادمة كالتالي:
تعادلت الخوارزمية الخاصة بـ “lawgeex” مع أفضل نتيجة لأحد المحامين المشاركين، وكلاهما حصل على 94% من ناحية الدقة، وكان الأسوأ من بين المشاركين قد حصل على 67%، وبشكل جماعي كانت نتيجة متوسط أداء المحامين 85%،
وبالنسبة للفترة الزمنية لمراجعة هذه الخمسة عقود استغرقت تقنية الذكاء الاصطناعي 26 ثانية فقط، مقارنة مع متوسط الفترة الزمنية للمحامين التي استغرقت 92 دقيقة، واستغرق أسرع أداء لأفضل محامي 51 دقيقة، بمعنى أنه استغرق أكثر من 100 ضعف سرعة الذكاء الاصطناعي، وكان الأبطأ من بين المحامين قد استغرق 152 دقيقة.
أثر الذكاء الاصطناعي على تقرير تمويل الدعاوى القضائية
مع نمو وتطوّر ظاهرة تمويل الدعاوى القضائية من قبل طرف ثالث غير المتقاضين، أثبت الذكاء الاصطناعي أثره الكبير على عملية صنع القرار من قبل هؤلاء المموّلين، وأنه سوف يكون له دورٌ بالغ الأهمية في مساعدتهم على تقييم الأسس الموضوعية، والتي تمكّنهم من تحديد خياراتهم واتخاذ قراراتهم، حول إمكانية الاستثمار في تمويل الدعاوى القضائية، وذلك بفعل قدرته على التنبؤ بالنتائج الأكثر احتمالًا لمصير هذه الدعاوى، كما أنه يعمل في المساعدة على تحديد استراتيجيات التقاضي الأكثر فاعلية.
الذكاء الاصطناعي في خدمة العدالة الرقمية
أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على إنجاز المهام التي تتطلب ذكاءً بشريًا، وترتبط هذه القدرة إرتباطًا وثيقًا بثورة الفكر وجهود المبدعين، ولا شك أنه يحظى بتطبيقات تحاكي الذكاء البشري، لذلك فإننا نرى اليوم معظم الدول وهي تنفق استثمارات باهظة لتحفيز المبدعين والمفكرين على صقل قدراتهم ومهاراتهم لتطوير الذكاء الاصطناعي، ودمج تطبيقاته الذكية في مجال المهن القانونية وعمل الأنظمة الفضائية.
روبوت لحل النزاعات القانونية
في قضية فريدة من نوعها، جرت وقائعها في بريطانيا خلال فبراير 2019، قام “روبوت وسيط” بحل نزاع حول فاتورة غير مسددة، حيث تتزايد أهمية الذكاء الاصطناعي والخوارزميات بصورة كبيرة ضمن بدائل حل النزاعات، بحسب صحيفة “فايننشال تايمز”، ويرجع ذلك لحد كبير إلى الدور المتنامي لتحليل البيانات في توقع الأحكام القضائية، والتي تستخدم على نطاق واسع في الدعاوى القضائية الأمريكية، كما يرتفع الطلب عليها في مناطق أخرى من العالم.
وتعتبر التكنولوجيا المتعلقة بهذا المجال مثل أداة تصنيف البيانات “Brainspace”، البارعة بشكل خاص في تحديد وتقسيم المستندات الأكثر أهمية، وترتيبها من حيث الأولوية في مرحلة مبكرة من النزاعات، بما يتيح لشركات المحاماة فحص كميات هائلة من البيانات في فترة زمنية قصيرة واستخلاص استنتاجات شاملة، مما سيمنحهم معرفة أكبر لمسارهم في القضايا.
في قضية فريدة من نوعها، جرت وقائعها في بريطانيا في فبراير 2019، قام “روبوت وسيط” يسمى “سمارت سيتل وان” بحل نزاع حول فاتورة غير مسددة بقيمة 2000 جنيه إسترليني.
الروبوتات ليست بديلًا عن وجهة النظر البشرية
تسوية النزاعات صغيرة الحجم شيء، وتسوية النزاعات المعقدة التي تشتمل على مبالغ مالية ضخمة ووسطاء وقضايا تحكيم شيء آخر، وما زالت النزاعات تعتمد على النظم البشرية بالأساس حسبما يرى الخبراء، ويقول: “بين كارول” الشريك المتخصص في حل النزاعات بشركة “لينكلاتر”: “إن الوسيط الماهر يمكنه أن يقرأ أفكار الموجودين في الغرفة ويفهم ما الذي يقلقون بشأنه، وكذلك ما سيكون عليه شكل التسوية المطلوبة”، ولذلك فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي على الأقل الآن، ربما ينصب في قدرته على معالجة وجهة النظر البشرية كما لو كانت بيانات.
وهناك اتجاه في الولايات المتحدة، يعتمد على استخدام شركات التحليلات القانونية، لكم كبير من البيانات من أحكام قضائية سابقة، في قضاء المحاكم بعدف التنبؤ بأحكامهم المستقبلية، وهو ما قد يمتد إلى خلق وسائل بديلة لحل النزاعات، لذلك يمكن أن يشهد المستقبل استخدام الروبوتات لمعالجة التفضيلات البشرية، أو سلوك الوسطاء والمحكومين لتوقع كيف سيكون حكمهم في قضايا معينة.