عسكرة الذكاء الاصطناعي.. والتوازن الاستراتيجي

4

متابعات – AI بالعربي

بعد دخول العالم المجالات التطبيقية للثورة الصناعية الرابعة، التي أفرزت العديد من المتغيرات ذات التأثير المباشر على أنماط التفاعل الدولي في كافة المجالات، حيث باتت القوة الإلكترونية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي تمثل نمطاً جديداً من القوة، ومجالاً جديداً للتنافس الدولى على اقتنائها باعتبارها ضماناً للتفوق النوعي على الآخرين.

وقد أحدثت تلك القوة ثورة في مفهوم التوزان الاستراتيجي التقليدي، الذي كان يعتمد على القوة البشرية، والموارد، والاقتصاد، وحجم التَّسلُّح، وعدد المعدات وغيرها، كما غير مفاهيم الحرب والمواجهة العسكرية من حيث اتساع نطاقها واستراتيجياتها، وفرض تحديات جديدة أمام الدول في مجال الدفاع، ولا سيما ما يتعلق بالقدرات التكنولوجية على المواجهة، والتأمين، وحجم الإنفاق على ذلك.

وقد شهد الواقع العملي الدولي استخدامات كثيرة لتلك التطبيقات، وبخاصة في المجال الأمني والعسكري، وتنافساً شرساً بين الأقطاب الدولية من أجل حيازتها، وتحقيق تفوق نوعي في استخدامها، وبخاصة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا والدول الغربية، بل تعدَّ الأمر إلى استخدامها في حروب الوكالة من خلال جماعات مسلحة وكيانات، وشاهدنا ذلك في أزمات الشرق الأوسط، سواء في اليمن أو العراق أو سوريا وليبيا وغزة وغيرها.

وتعد طائرات الدرون أحد أهم تجليات المزج بين الاستخدامات العسكرية وبين تطبيقات الذكاء الاصطناعي لما أضافته إلى تلك الطائرة من قدرات على التحليق لارتفاعات شاهقة لأكثر من 20 ساعة متواصلة في الجو، والرصد والتتبع والتوجيه وتنفيذ العلميات النوعية، ولديها معدات عالية للرصد، وتحديد نطاق ليزر، ويمكنها استهداف الأهداف الثابتة والمتحركة.

وسادت حالة من التنافس الدولي في تطويرها حتى ظهرت أنواع مختلفة، منها: الأمريكية مثل «إم كيو 1 بي» براديتور، و«إم كيو 9 ريبر» وآر كيو 4 غلوبال هوك، والروسية أخوتنيك، والتركية بيراقدرا، والإسرائيلية هيرون تي بي، والصينية سي إتش، والإماراتية يبهون يونايتد 40 وغيرها.

وأهم العمليات التي تمَّ استخدام تلك الطائرات في استهدافها، اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق، واستهداف أبوبكر البغدادي قائد تنظيم داعش، واستهداف أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة، كما استخدمتها إسرائيل في حربها على غزة مؤخراً، حيث قادت عمليات توجية ورصد الأهداف للطائرات الحربية.. إلخ.

وتتجه القوات الجوية والبحرية في عدة دول من العالم، إلى إجراء تجارب لتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الطائرة، من خلال تدعيم قدراتها على تحليل البيانات بدقة.

ويقول جاك شاناهان مدير مركز الذكاء الاصطناعي لمعهد ميتشل لدراسات الفضاء في واشنطن: إن التحكم الآلي موجود بأشكال مختلفة في الطائرات الحربية، لكن الاستقلالية المدعومة بالذكاء الاصناعي في تلك الطائرات، تفتح حدوداً جديدة لإمكانات القتال التي تعكف وزارة الدفاع الأمريكية على تطبيقها حالياً باعتبارها ستكون واقعاً عام 2024، حيث ستكون قادرة على إضافة تكتيكات جديدة في المعارك، وقادرة على معالجة كميات كبيرة من المعلومات والبيانات في الوقت الحقيقي بدقة.

وهو ما يعني تسريع وقت استشعار الأخطار، والرد عليها دون الحاجة إلى تدخل بشري والاستجابة للمتغيرات الجوية، وقد أثبتت التجربة التي قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية دوغ فايت، التي تغلبت فيها خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مواجهة طيار أمريكي محترف إف-16 المتقدمة، وفازت خلالها في خمس جولات، وهو ما حدا بوزير الدفاع الأمريكي مارك أسبر، من التحذير من عدو جديد في السماء له القدرة على التفوق على القدرات البشرية.

وكل هذا يعني فرض تحديات جديدة على نظم الدفاع الجوي من أجل مواءمة المتغيرات الجديدة، واستحداث نظم دفاعية ذات قدرات تكنولوجية عالية، لمواجهة قدرات الذكاء الاصطناعي الذي قد يعجز البشر عن مواجهة مخاطره مستقبلاً.

 

 

اترك رد

Your email address will not be published.