هل نعيش بداية التفرد؟.. الذكاء الاصطناعي يقترب من تجاوز العقل البشري

AI بالعربي – متابعات

بين التفاؤل المفرط والتحذيرات المتصاعدة، يجد العالم نفسه أمام تسارع غير مسبوق في سباق الذكاء الاصطناعي، مع تحذيرات من بلوغ “نقطة التفرد” في غضون 12 شهرًا فقط — تلك اللحظة التي قد تتفوق فيها الآلات على العقل البشري، وتغيّر مسار الحضارة إلى الأبد.

ما هو التفرد؟

يشير مفهوم التفرد التكنولوجي إلى لحظة فارقة يتجاوز فيها الذكاء الاصطناعي مستوى الإدراك البشري، ليصبح قادرًا على التفكير والتطور ذاتيًا دون تدخل الإنسان. وتنبع خطورة هذه اللحظة من صعوبة التنبؤ بتبعاتها، سواء على الصعيدين الاقتصادي أو الأخلاقي، وفقًا لـ sustainability-times.

انقسام بين الخبراء: عام واحد أم عقود؟

رغم أن العديد من العلماء يتوقعون بلوغ هذه المرحلة بين عامي 2040 و2060، فإن أصواتًا بارزة في قطاع التقنية، مثل الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، تعتقد أن التفرد قد يتحقق خلال عام واحد فقط. هذا الانقسام يعكس اختلافًا جذريًا في تقييم سرعة التقدم التكنولوجي، ومدى قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة الإدراك البشري الشامل.

شهدت السنوات الأخيرة قفزات هائلة في تطوير نماذج اللغة الكبيرة مثل GPT-4، التي باتت قادرة على إجراء محادثات معقّدة، توليد نصوص إبداعية، وتحليل معلومات ضخمة بدقة مدهشة. ومع تزايد القدرة الحوسبية، مدفوعة بما يُعرف بـ “قانون مور”، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يقترب من محاكاة سرعة معالجة الدماغ البشري.

ويُعزّز هذا التفاؤل التقدم في مجال الحوسبة الكمّية، التي يُتوقّع أن تتيح قدرات حسابية خارقة، تُحدث تحولًا جذريًا في تدريب الشبكات العصبية وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أقرب إلى الوعي البشري.

رغم الإنجازات، لا تزال هناك فجوات عميقة تفصل الذكاء الاصطناعي عن نظيره البشري، فالعقل الإنساني لا يقتصر على المنطق والتحليل، بل يشمل الوعي، الإبداع، والعاطفة — وهي عناصر لم يتمكن الذكاء الاصطناعي من تقليدها حتى الآن.

ويذهب خبراء مثل يان ليكون، أحد رواد التعلم العميق، إلى أن ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام (AGI) يجب أن يُعاد تعريفه، معتبرًا أن محاكاة الذكاء البشري الكامل قد تبقى خارج نطاق التقنية المعاصرة لسنوات طويلة.

مخاوف أخلاقية

تثير فكرة ظهور “ذكاء فائق” تساؤلات خطيرة حول السيطرة، المسؤولية، والأخلاق. ماذا لو أصبحت الآلة قادرة على اتخاذ قرارات دون إشراف بشري؟ ومن يتحمّل العواقب إذا انحرفت تلك القرارات عن مصلحة الإنسان؟

هذه المخاوف دفعت خبراء التقنية والأخلاقيات إلى المطالبة بإطار تشريعي عالمي صارم يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية، لا تهديدها.

يتفق كثيرون على أن التفرد، إن حدث، لن يكون مجرد حدث تقني، بل سيكون زلزالًا حضاريًا يعيد تشكيل أسس الحياة والعمل والتعليم والصحة. وهذا يستدعي استعدادًا شاملًا، من حيث السياسات، البنية التحتية، وحتى الوعي المجتمعي.

اترك رد

Your email address will not be published.