هل يسرق الذكاء الاصطناعي عقولنا؟
AI بالعربي – خاص
يظل – إلى حد كبير – الاعتماد على مظاهر الترف والثراء سمة تبدو جليّة في شرقنا الأوسط، لا سيّما وإن كانت الظاهرة مرتبطة بالكسل أو حدود القدرات. مع الذكاء الاصطناعي وقدراته التقنية الفائقة بدت ظواهر الكسل وحدود القدرات تطفو على سطح المشهد بشكل أكثر قوَّة، فبزيادة الرفاهة المعلوماتية ومدى ثراءها صارا بمثابة تقديم الإنجازات اليومية على طبق من فضة أمام المستخدمين، لا سيما وأنَّ تطبيقات “ChatGPT”، و”Gemini”.
على الرغم من أنَّ المشهد السالف يُعد خطوة على سبيل التطوّر إلَّا أنَّ آثارًا سلبية يتوقّعها البحث العلمي والإخصَّائيين، فيما يخصُّ تأثير الأدوات الذكية في نشاط مستخدمي الذكاء الاصطناعي.
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يؤثر على التفكير البشري
كشفت دراسة جديدة أن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل يجعل المستخدمين يختارون الطريق الأسهل، مما يؤدي إلى تراجع قدراتهم العقلية. وأوضحت الدراسة أن هذه الأدوات تقوم بالتفكير بدلاً عنهم، مما يقلل من استخدامهم لمهاراتهم الذهنية في حل المشكلات واتخاذ القرارات.
انخفاض الجهد المعرفي
أجرت شركة البرمجيات الأميركية “مايكروسوفت” دراسة على أكثر من 300 شخص يعملون في وظائف معرفية، وكشفت النتائج عن انخفاض ملحوظ في الجهد المعرفي لدى العديد من المشاركين. وتم جمع أكثر من 900 مثال على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي أثناء أداء العمل، مما أظهر أن بعض المستخدمين يعتمدون عليه بشكل يقلل من نشاطهم الذهني.
تحذيرات من سوء استخدام التكنولوجيا
أشارت الدراسة إلى أن الاستخدام غير السليم لتقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية التي يحتاج الأفراد إلى الحفاظ عليها. وأكدت أن هذه الأدوات يجب أن تُستخدم لتعزيز التفكير والإبداع وليس كبديل كامل عنهما، حتى لا يفقد المستخدمون قدرتهم على التحليل والتفكير النقدي.
من المقرر أن تُعرض نتائج الدراسة خلال «مؤتمر جمعية آلات الحوسبة» حول «العوامل البشرية في أنظمة الحوسبة»، الذي سيُعقد في مدينة يوكوهاما اليابانية بين 26 أبريل و1 مايو المقبلين. ويهدف المؤتمر إلى مناقشة تأثير التكنولوجيا على القدرات البشرية وسبل تحقيق توازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والحفاظ على القدرات العقلية للمستخدمين.
تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على المهام المعرفية
إن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تخلّي الأشخاص عن القيام بالمهام المعرفية الصعبة، مثل وضع الاستراتيجيات وحل المشكلات، والاكتفاء بالمهام الروتينية، مثل التحقق من مخرجات أدوات الذكاء الاصطناعي فقط، كما تشير الدراسة.
وقال فريق الدراسة المشترك من “مايكروسوفت” وجامعة “كارنيغي ميلون” الأميركية، بعد تقييم إجابات العمال الذين استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «شات جي بي تي»، للقيام بمهام مثل كتابة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة برؤسائهم أو مراجعة أداء زملائهم: “إن الذكاء الاصطناعي التوليدي حوَّل طبيعة التفكير النقدي إلى مجرد التحقق من المعلومات، ودمج الإجابات، وإدارة المهام”.
وبيَّنت الدراسة أن الأشخاص الذين اعتادوا على الاستعانة بالذكاء الاصطناعي أصبحوا أقل ميلًا للانخراط في العمليات المعرفية المعقّدة، واكتفوا بأدوار إشرافية على جودة المخرجات بدلًا من التفكير العميق في المهام الموكلة إليهم.
ختامًا، في ظل الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي، ووضع تقني فائق تتبارى خلاله كُبرى المنظمات والدول من أجل تحقيقه، يبقى السؤال الأهم: هل يساعدنا الذكاء الاصطناعي حقًّا، أم أنه يسرق منّا مهاراتنا وقدراتنا على التفكير؟