أمن الذكاء الاصطناعي.. حماية المستقبل الرقمي في عالم متغير

24

AI بالعربي – خاص 

التطور التكنولوجي المتسارع جعل الذكاء الاصطناعي (AI) والأمن السيبراني من أبرز التخصصات التقنية في العالم الحديث. الذكاء الاصطناعي يغير طريقة عملنا وتفاعلنا مع التكنولوجيا، بينما يوفر الأمن السيبراني الحماية الأساسية لهذا العالم الرقمي المتشابك. لكن ما الفرق بينهما؟ وكيف يمكن أن يعملان معًا لضمان مستقبل رقمي آمن؟

ماذا يعني الأمن السيبراني؟

الأمن السيبراني يركز على حماية البيانات والأنظمة من التهديدات والهجمات الرقمية. الهدف الأساسي هو ضمان السرية، أي حماية المعلومات من الوصول غير المصرح به، والسلامة، أي التأكد من أن البيانات تظل دقيقة وغير معدلة، والتوافر، لضمان بقاء الأنظمة والبيانات متاحة للمستخدمين الشرعيين.

من أبرز المهام التي يؤديها خبراء الأمن السيبراني تحليل الثغرات وتأمينها، حماية شبكات الاتصال، وتطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع المخاطر الرقمية المتزايدة.

تقدِّم الأمم المتحدة ما يُسمَّى” تحدي أمن الفضاء الإلكتروني“ أو الأمن السيبراني، والذي يتناول الأنشطة الإرهابية عبر الإنترنت، في مكتب الأمم المتحدة في فيينا يومي 5 و 6 ديسمبر 2017. وتشمل فئاته ما يلي:

– الهجمات الإلكترونية الحركية على البنية التحتية الحيوية و/أو أجهزة إنترنت الأشياء.

– انتشار المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت.

– الاتصالات الإرهابية عبر الإنترنت.

– تمويل الإرهاب الرقمي.

بناءً على ما سبق على المتخصص في مجال الأمن السيبراني، أنْ يمتلك مهارات متنوعة، مثل تحليل الأنظمة، فهم التشفير والتقنيات الأمنية، ومعرفة بالقوانين والسياسات المرتبطة بحماية البيانات، لما قد يشيره المصطلح نحو ظواهر خطيرة.

لكن كيف نفسِّر أمن الذكاء الاصطناعي؟

من ناحية أخرى، يركز الذكاء الاصطناعي على تطوير أنظمة قادرة على تقليد القدرات البشرية، مثل التعلم، التفكير، واتخاذ القرارات. هذا المجال يشمل تقنيات متقدمة مثل الشبكات العصبية الاصطناعية، تحليل النصوص والأصوات، وتطوير الروبوتات الذكية.

للعمل في الذكاء الاصطناعي، يحتاج المتخصص لنوع خاص من المهارات الرياضية، التي تتسم بالقوَّة لفهم الخوارزميات المعقدة. إضافة إلى ذلك لا بد من الإلمام بمعرفة بلغات البرمجة مثل Python وR، ومهارات تحليل البيانات لتطوير الأنظمة الذكية.

الفرق بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

الفرق الأساسي بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يكمن في الهدف الذي يسعى كل منهما لتحقيقه.

الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تحسين الكفاءة البشرية عن طريق تطوير أنظمة قادرة على أداء مهام البشر بذكاء، مثل السيارات ذاتية القيادة أو المساعدات الافتراضية.

أما الأمن السيبراني، يركز على حماية هذه الأنظمة من الاختراق أو الاستغلال غير المشروع.

بينما يعمل الأمن السيبراني على الدفاع ضد الهجمات الرقمية، يركز الذكاء الاصطناعي على تطوير تقنيات قادرة على تحليل البيانات، التنبؤ بالمستقبل، وحتى اتخاذ قرارات استراتيجية بناءً على البيانات.

نقاط التشابه بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

على الرغم من اختلاف أهدافهما، فإن الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يتشاركان في عدة جوانب رئيسية.

– أولًا، كلاهما يعتمد بشكل كبير على تحليل البيانات. الأمن السيبراني يستخدم تحليل البيانات للكشف عن التهديدات والرد عليها، بينما يستخدم الذكاء الاصطناعي البيانات لتدريب الأنظمة على التعلم والتطور.

– ثانيًا، كلا المجالين يتطلب تقنيات متطورة لضمان الأداء الفعال. الذكاء الاصطناعي يستخدم هذه التقنيات لتحسين العمليات والقرارات، بينما يستخدمها الأمن السيبراني لتعزيز الدفاعات الرقمية ضد التهديدات.

– وأخيرًا، حماية الخصوصية تُعتبر أولوية مشتركة بين المجالين، حيث يعمل كلاهما لضمان أمن البيانات وحمايتها من سوء الاستخدام.

كيف يدعم الذكاء الاصطناعي الأمن السيبراني؟

الذكاء الاصطناعي يُعتبر أداة قوية تعزز الأمن السيبراني بعدة طرق. على سبيل المثال، يُمُكِن الكشف السريع عن الهجمات: باستخدام التعلم الآلي (Machine Learning)، يمكن للذكاء الاصطناعي التعرف على أنماط الهجمات غير المألوفة في وقت مبكر، مما يتيح للمختصين اتخاذ تدابير سريعة لاحتوائها.

تحليل الثغرات الأمنية: الذكاء الاصطناعي قادر على فحص الأنظمة باستمرار لتحديد أي نقاط ضعف والعمل على تقويتها.

التعامل مع التهديدات بشكل ذكي: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأمن السيبراني من خلال اتخاذ قرارات استباقية استنادًا إلى تحليلات دقيقة.

ومع ذلك، هناك مخاطر محتملة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُستخدم أيضًا لتنفيذ هجمات معقدة مثل خداع الأنظمة أو استغلال نقاط الضعف بشكل أذكى من الطرق التقليدية. إضافةً إلى ذلك، أي خلل في خوارزميات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى قرارات غير صحيحة تؤثر على سلامة البيانات.

إثبات الجرائم السيبرانية بواسطة العميل المحقق الذكي

أدى التطور الهائل في الجرائم الإلكترونية إلى ظهور تحديات جديدة في إثبات هذه الجرائم، بسبب طبيعتها غير المادية وسهولة تنقلها عبر الحدود الرقمية. لتحقيق العدالة في هذه البيئة المتغيرة، بدأ استخدام أنظمة تعتمد على العملاء المحققين الذكيين. هؤلاء العملاء يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لتحديد وتتبع النشاطات المشبوهة، من خلال جمع وتحليل البيانات بشكل سريع وفعّال. تعتمد هذه الأنظمة على تقنيات مثل التعلّم الآلي والشبكات العصبية الاصطناعية، مما يمكّنها من التفاعل مع التهديدات في الوقت الفعلي، وتقديم أدلة دقيقة تدعم جهود القضاء.

بحسب بحث تم نشره داخل “المجلَّة القانونية” التابعة لجامعة القاهرة، في نوفمبر 2022، تم تطوير العديد من هذه الأنظمة على مدار السنوات، حيث برز في عام 2003 نظام “Counter-Planning Deceptions”، الذي مكّن من الكشف عن الخطط السيبرانية المضللة. وفي عام 2006، ظهر نظام متعدد الوكلاء يساعد على التنسيق بين الأنظمة المختلفة لتحديد التهديدات الأمنية وتحليلها، مما عزز من قدرة البنية التحتية على التصدي للهجمات. ثم في عام 2007، تم إطلاق نظام “Multi-Agent Framework” الذي أتاح التعاون التلقائي بين الأنظمة الدفاعية المختلفة، وهو ما ساعد على مواجهة الهجمات المفاجئة بشكل أكثر فعالية.

أشار البحث المُعنوَن “الدليل السيبراني المستمد من الذكاء الاصطناعي” رغم هذه الابتكارات، فإن استخدام العملاء المحققين الذكيين يواجه تحديات مثل احتمال إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي أو وجود أخطاء في الخوارزميات. لذلك، يجري العمل باستمرار على تحسين هذه الأنظمة لتقديم أدلة أكثر دقة وتعزيز قدراتها في التصدي للجرائم الإلكترونية. بفضل هذه التطورات، أصبح من الممكن مواجهة التهديدات السيبرانية بفعالية غير مسبوقة، مما يضمن استقرار وأمان الأنظمة الرقمية في المستقبل.

المهارات المطلوبة للعمل في كلا المجالين

للتخصص في الأمن السيبراني، يجب أن تركز على مهارات تحليل المخاطر، التشفير، والبرمجة مع فهم عميق للقوانين الأمنية.

أما العمل في الذكاء الاصطناعي، فهو يتطلب مهارات رياضية وإحصائية متقدمة لفهم الخوارزميات، إلى جانب مهارات تحليل البيانات والإبداع في تطوير حلول جديدة.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

– مع التوسع المستمر في استخدام التكنولوجيا، سيستمر كلا المجالين في النمو بشكل كبير.

– الذكاء الاصطناعي سيتغلغل في حياتنا اليومية بشكل أعمق، من الطب إلى التعليم، مما يجعله أحد المجالات الأكثر إثارة وتنوعًا.

– أما الأمن السيبراني، فسيبقى الخط الأول للدفاع ضد التهديدات الرقمية، مع الحاجة المتزايدة لحماية البيانات في عالم يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا.

تكامل أم تنافس؟

ختامًا، يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ليسا متنافسين بل متكاملين. الذكاء الاصطناعي يُمكن الأمن السيبراني من كشف التهديدات بشكل أسرع وأكثر كفاءة، بينما يعمل الأمن السيبراني على حماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من الاستغلال.

اترك رد

Your email address will not be published.