قناع الذكاء الاصطناعي

قناع الذكاء الاصطناعي

منيف الخالدي 

في أوج جائحة كورونا، برز الذكاء الاصطناعي كأداة حاسمة في مكافحة الفيروس، من تتبع العدوى وتحليل البيانات الطبية إلى تسريع عملية تطوير اللقاحات. لكن بينما استمر العالم في ارتداء الأقنعة الطبية، ظهر نوع آخر من الأقنعة، “قناع الذكاء الاصطناعي”، لكن هذه المرة ليس للحماية، بل كأداة قد يستغلها المحتالون لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

بلا شك، أدَّى الذكاء الاصطناعي دورًا بطوليًا في تجاوز العديد من تحديات جائحة كورونا. وتمكَّن من تحليل كميات هائلة من البيانات الصحية بسرعة فائقة، مما مكّن العلماء والأطباء من فهم الفيروس بشكل أفضل، وتطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل معه. كما ساعد الذكاء الاصطناعي في تصميم اللقاحات في فترة قياسية، وهو إنجاز لا يُنسى ويُحسب له.

ومع أننا نحتفي بالإنجازات، لا يمكننا إغفال الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي. ففي الخفاء، يستغل بعض الأفراد هذه التقنية لإنشاء أساليب متطورة للاحتيال الإلكتروني، وذلك من خلال استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي، يمكِّن المحتالين من تطوير برامج قادرة على محاكاة الأصوات والصور، مما يجعل الخداع أكثر إقناعًا وأكثر صعوبة في الكشف.

يُعتبر “قناع الذكاء الاصطناعي” مصطلحًا مجازيًا يشير إلى استخدام هذه التقنية في التمويه والخداع. تمامًا كما كان القناع الطبي يحمي الناس من الفيروس. يُستخدم القناع التكنولوجي لحماية المحتالين، مانحًا إياهم القدرة على إخفاء هوياتهم وتنفيذ عملياتهم دون كشف أمرهم. ومع تزايد التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تزداد أيضًا تعقيدات الاحتيال، مما يجعل التصدي لهذه التحديات أكثر صعوبة.

لمواجهة هذا التحدي، يتطلب الأمر تعزيز الأنظمة الأمنية وتطوير القوانين التي تكافح استغلال الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الاحتيالية. كما يجب تعزيز الوعي العام حول مخاطر وآليات الاحتيال الجديدة؛ لتمكين الأفراد والمؤسسات من التعرف على هذه التهديدات والدفاع عن أنفسهم.

إضافة إلى ذلك، من الضروري تشجيع البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني المواكب للتقنيات الجديدة، بما يضمن استمرارية التفوق على الأساليب الاحتيالية المتجددة. فالذكاء الاصطناعي، مثل أي تقنية، أداة قد تُستخدم للخير أو الشر، وتوجيهها نحو الخير يتطلب جهودًا متواصلة ومشتركة.

في الختام، في حين أن الذكاء الاصطناعي قد قدم إسهامات لا تُقدر بثمن في مكافحة جائحة كورونا، فإنه يمثل أيضًا سلاحًا ذا حدين يمكن أن يُستخدم في الاحتيال والنصب. يتطلب منا هذا الواقع، تبني نهج متوازن يحافظ على التقدم التكنولوجي ويحمي المجتمع من المخاطر المحتملة. وكما ساعدني الذكاء الاصطناعي في كتابة هذا المقال، يجب أن نسعى جميعًا لاستخدامه في تعزيز الخير والابتكار المسؤول في جميع جوانب حياتنا.

Related Posts

“بريطانيا” تدشن جيلا عسكريًا جديدًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة ساحات القتال

AI بالعربي – متابعات يعمل الجيش البريطاني على بناء منظومة عسكرية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراته في الجو والبحر والبر. وتؤكد تقارير صحيفة “فاينانشل تايمز” أن التحول يشمل…

“إنفيديا” توسّع نفوذها عالميًا عبر شراكات جديدة لدعم بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي

AI بالعربي – متابعات أطلقت إنفيديا تعاونًا جديدًا مع شركتين في الولايات المتحدة بهدف تسريع تطوير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، وذلك في خطوة تعزز سباق بناء البنية التحتية الرقمية حول…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي يشكل اقتصاداتنا.. ما النتائج؟

  • نوفمبر 29, 2025
  • 79 views
الذكاء الاصطناعي يشكل اقتصاداتنا.. ما النتائج؟

الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

  • نوفمبر 22, 2025
  • 110 views
الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 195 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 199 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 224 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 367 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر