نظام ذكاء اصطناعي من «جوجل» يتنبأ بسلوك الجزيئات البشرية

يسبر أغوار الآليات البيولوجية الدقيقة وسلوك الحمض النووي

9

كيد متز

يمنح الذكاء الاصطناعي الآلات القدرة على إنتاج مقاطع فيديو، وكتابة رموز الكومبيوتر، وحتى إجراء محادثة، كما أنه يعمل على تسريع الجهود لفهم جسم الإنسان ومحاربة الأمراض.

نسخة ذكاء اصطناعي مطورة

أمس “الأربعاء”، كشف “جوجل ديب مايند (Google DeepMind)”، مختبر الذكاء الاصطناعي المركزي لشركة التكنولوجيا العملاقة، سوية مع شركة “آيزومورفيك لابس (Isomorphic Labs)”، وهي شركة شقيقة له، عن نسخة أكثر قوة من “ألفا فولد (AlphaFold)”، وهي تقنية ذكاء اصطناعي تساعد العلماء على فهم سلوك الآليات المجهرية التي تحرك الخلايا في جسم الإنسان.

لغز طيّ البروتين

وكانت نسخة مبكرة من “ألفا فولد” صدرت عام 2020، قد حلت لغزاً حيّر العلماء لأكثر من 50 عاماً، وهي المشكلة التي كان يطلق عليها “مشكلة طي البروتين”. والبروتينات هي الجزيئات المجهرية التي تحرّك سلوك جميع الكائنات الحية. وتبدأ هذه الجزيئات بوصفها سلاسل من المركبات الكيميائية قبل أن تلتوي وتنطوي إلى أشكال ثلاثية الأبعاد تحدد كيفية تفاعلها مع الآليات المجهرية الأخرى في الجسم.

قضى علماء الأحياء سنوات أو حتى عقوداً في محاولة تحديد شكل البروتينات الفردية. ثم جاءت “ألفا فولد”. وعندما قام أحد العلماء بتغذية هذه التقنية بسلسلة من الأحماض الأمينية التي تشكّل البروتين، استطاع التنبؤ بالشكل ثلاثي الأبعاد خلال دقائق.

تسريع اكتشاف الأدوية

وعندما أطلقت شركة “ديب مايند” علناً “ألفا فولد” بعد عام من ذلك، بدأ علماء الأحياء في استخدامها لتسريع اكتشاف الأدوية. واستخدم الباحثون في جامعة كاليفورنيا، في سان فرنسيسكو، هذه التكنولوجيا في أثناء عملهم على فهم فيروس “كورونا” والاستعداد لأوبئة مماثلة. كما استخدمها آخرون في جهودهم لإيجاد علاجات للملاريا ومرض باركنسون.

والأمل هو أن هذا النوع من التكنولوجيا سيعمل بشكل كبير على تبسيط عملية تطوير أدوية ولقاحات جديدة. وقال جون جامبر، الباحث في “جوجل ديب مايند”: “إن هذه التكنولوجيا تخبرنا كثيراً عن كيفية تفاعل أجهزة الخلية… وتخبرنا كيف يجب أن يعمل هذا، وماذا يحدث عندما نمرض”.

سلوك الحمض النووي

الإصدار الجديد “ألفا فولد3 (AlphaFold3)” يوسع نطاق التكنولوجيا إلى ما هو أبعد من طي البروتين. فبالإضافة إلى التنبؤ بأشكال البروتينات، يمكنه التنبؤ بسلوك الآليات البيولوجية المجهرية الأخرى، بما في ذلك الحمض النووي، حيث يخزّن الجسم المعلومات الجينية، والحمض النووي الريبي، الذي ينقل المعلومات من الحمض النووي إلى البروتينات.

“إن علم الأحياء نظام ديناميكي”، كما يقول ديميس هاسابيس، الرئيس التنفيذي لشركة “ديب مايند” ومؤسس “آيزوفورميك لابس”، التي تمتلكها “جوجل” أيضاً: “يجب أن تفهم التفاعلات بين الجزيئات والهياكل المختلفة… هذه خطوة في هذا الاتجاه”.

موقع إلكتروني مخصص للعلماء

تقدم الشركة موقعاً إلكترونياً يمكن للعلماء من خلاله استخدام “ألفا فولد3”. وتقدم مختبرات أخرى، أبرزها مختبر في جامعة واشنطن، تكنولوجيا مماثلة. وفي بحث نُشر يوم الثلاثاء الماضي في مجلة “نتشر (Nature)” العلمية، أظهر جامبر وزملاؤه الباحثون أنه يحقق مستوى من الدقة يفوق بكثير أحدث ما توصّلت إليه التكنولوجيا.

وقال دنيز كافي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة “تاماريند بيو”، وهي شركة ناشئة تعمل على بناء التكنولوجيا لتسريع اكتشاف الأدوية، إن التكنولوجيا يمكن أن “توفر أشهراً من العمل التجريبي وتمكن الأبحاث التي كانت مستحيلة في السابق… وهذا يمثل وعداً هائلاً”.

 

المصدر: الشرق الأوسط

اترك رد

Your email address will not be published.