عصر الذكاء الاصطناعي
خلق الله الإنسان لحكمة بالغة هي عبادته وحده سبحانه، وعمارة هذا الكون، وزوَّده بمفاتيح العلم والمعرفة ليتوسع في البناء والعمران، قال تعالى: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [سورة البقرة:31-33].
وقد مرَّت البشرية طوال تاريخها بعدة تحولات جذرية غيَّرت من ملامح حياة الناس فوق هذا الكوكب، فبعد هيمنة الزراعة على حياة البشر على مدى آلاف السنين جاء عصر البخار والثورة الصناعية التي أحدثها، وتغيَّرت أنماط العيش كثيرًا مع انتشار الآلات والمصانع، وما هي إلا ثلاثة قرون تقريبا حتى دخل العالم في عصر ثورة المعلومات التي تغيَّرت معها حياة الناس كثيرًا بسبب تدفُّق المعلومات وتسارعها بشكل مخيف، ويقال إن المعرفة الإنسانية تتضاعف الآن كل عامين تقريبا، وقد أحدث ذلك تغيرات جذرية عميقة وسريعة ومتلاحقة قلبت حياة البشر رأسًا على عقب.
وتعيش البشرية حاليًّا فيما يُعرف بعصر الذكاء الاصطناعي الذي أصبح أمرًا مهمًّا، بل يزداد أهمية مع الوقت بسبب تطبيقاته العملية الكثيرة، ولا شك أن استخداماته سوف تتسع مع الوقت لمواجهة التحديات والمخاطر الأكثر تفاقُمًا في عالمنا المعاصر كالتغير المناخي!!
وفي عام 2015م طرحت الأمم المتحدة رؤيتها للتنمية المستدامة في دول العالم بحلول عام 2030م، ويسعى الاتحاد الدولي للاتصالات إلى تطوير المشاريع والمبادرات التي يمكن أن تسرِّع من التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الذكاء الاصطناعي كقوة إيجابية لإنجاز أهداف البشرية في تحقيق التقدم والرخاء فوق هذا الكوكب، وضمان حفظ موارد البيئة واستدامتها لتستفيد منها الأجيال القادمة.
ويُقصد بالذكاء الاصطناعي امتلاك أنظمة أجهزة الكمبيوتر القدرة على نسخ أو محاكاة سلوك الذكاء البشري، وهو مجال واسع يشتمل على كثير من المهارات، مثل: فهم محتوى الصور، وتمييز حديث البشر، واتخاذ القرارات، وترجمة اللغات، وهناك أمثلة عديدة لأجهزة كمبيوتر تمكَّنت من التغلب على البشر مثل كمبيوتر «ديب بلو» الذي تفوّق على بطل العالم في الشطرنج (غاري كاسباروف)، كما نجح الكمبيوتر «واتسون» في التفوُّق على منافسه البشري في المعلومات العامة عبر البرنامج الأمريكي الشهير (جيوباردي).
وهذا يفتح أبواب القلق بشأن العواقب السلبية المحتملة مستقبلًا في أخلاقيات (الذكاء الاصطناعي) بسبب التوسع في تطبيقاته؛ فإنشاء بيئاتٍ افتراضية وتطوير كائنات رقمية وتسخيرها في أعمال معينة ربما يؤدي إلى تطوير القدرات المعرفية لهذه الكائنات مستقبلًا بعد بناء عدة أجيالٍ منها.
وهناك مخاوف لدى عدد من علماء العالم من سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، فها هو (هوكنج) أحد أهم علماء الفيزياء في العالم يقول: إن التطور الكامل للذكاء الاصطناعي قد يكتب نهاية الجنس البشري، ويحذر (بيل غيتس) من تطوير آلات تعمل بالذكاء الاصطناعي تفوق قدرة البشر على التحكم فيها مستقبلًا!! ووصف رائد الأعمال (إيلون ماسك) الذكاء الاصطناعي بأكبر الأخطار الوجودية أمام البشر.