تطوير التكنولوجيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي “2 من 2”
سيمون جونسون – دارون عاصم – سيلفيا بارماك
صحيح أن تكنولوجيا المراقبة ليست معادية للبشر بطبيعتها. بل إنها على العكس من ذلك، قد تعمل على تحسين شروط السلامة “مثلما يحدث عند المراقبة بحثا عن حالات إطلاق النار” أو شروط الراحة. لكن يتعين علينا أن نعمل على إيجاد التوازن الصحيح بين هذه الفوائد والخصوصية، ويجب أن نبذل قصارى جهدنا لضمان عدم تحيز تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي “على سبيل المثال، على أساس لون البشرة أو الجنس”.
يتطلب التصدي لهذه القضايا فرض معايير دولية جديدة وتعزيز التعاون. يجب الإفصاح عن أي تطبيقات تستخدم الذكاء الاصطناعي لتتبع العمال أو معاقبتهم، بشفافية كاملة، فيما يتصل بكيفية تقديم التوصيات. فإذا فصلت من عملك لأن تطبيق الذكاء الاصطناعي عد أن سلوكك مريب، يجب أن يكون بوسعك أن تطعن في مثل هذا القرار. مع ذلك، لأن عديدا من أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة أشبه بصندوق أسود لا يفهم محتواه حتى مطوروه، فإنها تحد تلقائيا من نطاق الإجراءات الواجبة.
حتى في دولة مستقطبة مثل الولايات المتحدة، من المرجح أن يتحد الناس لمصلحة تقييد عمليات المراقبة. فالجميع من اليسار إلى اليمين يتشاركون في قلق أساسي بشأن الخضوع لمراقبة متواصلة، حتى إن اختلفت مخاوف كل منهم. يصدق ذات القول على كل الديمقراطيات في العالم.
بيد أن الصين من غير المرجح أن تتعاون مع الجهود المبذولة لكبح جماح الاستخدام غير المقيد لأدوات المراقبة. فهي لم تكتف بزيادة المراقبة الداخلية منهجيا لقمع المعارضة ومراقبة السلوك الاجتماعي بدرجة غير مسبوقة، بل تقوم أيضا بتصدير تكنولوجيات المراقبة إلى آخرين. لقد أصبحت تكنولوجيا القهر أرخص في كل مكان وفي الوقت ذاته.
في هذا العالم المتشعب، ربما يعمل أحد المعسكرات على تطوير معايير قوية تحكم متى وكيف يمكن استخدام المراقبة. سيظل الموضوع مثيرا للجدال، لكن التكنولوجيا ستكون إلى حد كبير تحت السيطرة الديمقراطية. في معسكر آخر، سيستخدم القادة المستبدون المراقبة المكثفة للإبقاء على شعوبهم تحت السيطرة. وستنتشر الكاميرات في كل مكان، ما يسهل القدر الذي يراه النظام مناسبا من القمع.
يلوح في الأفق اختيار اقتصادي كبير لديمقراطيات العالـم. هل ينبغي لنا أن نستمر في شراء السلع من الدول حيث يخضع العمال لتكنولوجيات المراقبة التي ما كنا لنشجعها في دولنا؟ هذا لا بد أن يفضي إلى تزايد عمليات المراقبة والقمع من قبل الأنظمة التي تسعى على نحو متزايد إلى تقويض ديمقراطياتنا. من الأفضل كثيرا، لتحقيق هدف الرخاء المشترك، أن ندعو إلى تحجيم تكنولوجيا المراقبة، على سبيل المثال، من خلال اشتراط الامتناع عن قبول إدخال المنتجات غير الممتثلة بشكل كامل لضمانات المراقبة إلى أسواقنا.
في تسعينيات القرن الـ20، وأوائل العقد الأول من القرن الـ21، منحت الولايات المتحدة وأوروبا الصين قدرة أكبر كثيرا على الوصول إلى أسواقهما على افتراض أن الصادرات من الدول حيث الأجور منخفضة ستعود بالفائدة على المستهلكين المحليين، وتسهم في التحول الديمقراطي عند المصدر. بدلا من ذلك، أصبحت الصين أكثر استبدادا، وعمل النمو المدعوم بالصادرات على تعزيز قوة نظامها الحاكم.
ينبغي لنا أن نكف عن الارتكان إلى أي أوهام حول العواقب المترتبة على السماح للدول التي تفرض سيطرة محكمة على عمالها بالوصول غير المقيد إلى الأسواق. هل تـسـتـخـدم تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة العمال، أو تجريدهم من كرامتهم؟ لا يجوز للسياسات التي ننتهجها في التعامل مع التجارة وبراءات الاختراع أن تتعامى عن مثل هذه التساؤلات.
المصدر: الاقتصادية