هل التكنولوجيا الذكية في طريقها للسيطرة على البشرية؟.. آباء الذكاء الاصطناعي يجيبون

41

AI بالعربي – متابعات

أعادت الدعوة التي وجهها مؤاخرًا، خبراء ومؤسسي الذكاء الاصطناعي، طرح التساؤلات من جديد حول إمكانية حلول الآلة محل البشر وسيطرتها عليهم، ومَن سيهزم مَن.. “الذكاء الاصطناعي” أم الإنسان؟. وكان من بين أصحاب هذه الدعوة : مؤسسي شركتي “تيسلا”، و”سبايس أكس”، ومالك “تويتر” إيلون ماسك، مع مئات آخرين، والتي طالبت

بتوقف شركة “أوبن أيه آي” برئاسة سام التمان، وكل مختبرات الذكاء الاصطناعي “فوراً ولمدة ستة أشهر على الأقل” عن تطوير الأنظمة الأكثر قوة من “تشات جي بي تي 4”.

بدورهما عزا المدير الإداري لشركة “سوميرو” العملاقة للاستثمار في التكنولوجيا الجديدة عبده جورج قديفة، الذي يتلاقى مع والش، مؤلف كتاب “القائد الخوارزمي، كيف تكون ذكياً عندما تصير الآلات أكثر ذكاء”. المطالبة بالوقف المؤقت لتطوير الذكاء الاصطناعي إلى “تخلف” إيلون ماسك، عن ركب حققه شريكه السابق سام التمان، الذي “أخرج الجني من القمقم”. وكذلك عبر مؤلف كتاب “حقيقة الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية” الدكتور ستيفن شوارتز، الذي عمل لدى جامعة يال الأميركية، عن اعتقاده بأن “المياه تدفقت فوق السدّ”، ولم يعد في الإمكان وقف التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقًا لصحيفة “الشرق الأوسط”.

فالمستوى الذي بلغه الذكاء الاصطناعي في مختبرات المؤسسات الجامعية، وبدأ ينتقل بعجلة إلى الحياة اليومية للناس خلال الأشهر القليلة الماضية، يرقى إلى ما أحدثه “مشروع مانهاتن”، الذي أنتج القنبلة الذرية، طبقاً للعالم الأميركي – الفلسطيني الأصل البروفسور منذر دحلة، الذي يدير معهد البيانات والأنظمة والمجتمع في “إم آي تي”، المؤسسة الجامعية المصنفة أولى عالمياً في علوم التكنولوجيا.

وأجرت الصحيفة ذاتها حوارات منفصلة؛ لتكون بمثابة حلقة افتراضية متخيّلة أميركية – عربية، فجمعت بالإضافة إلى دحلة ووالش، وقديفة، وشوارتز، كلاً من: النائب الأول لرئيس شركة “جينماب” الدنماركية للتكنولوجيا البيولوجية، والمدير العالمي لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الدكتور هشام حمادة، ومدير “مجتمع جميل” في «إم آي تي» جورج ريتشاردز، وعضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت الرئيس التنفيذي لشركة “مجرّة” عبد السلام هيكل، وجميعهم في إطار جهد يتعدى الإعجاب، بما يعدّه البعض “نظماً خارقة” ستؤدي إلى تحوّل ليس فقط في كل مجالات العمل، بل أيضاً في حياة الناس، كما نعرفها. أجاب هؤلاء، عن احتمال تغلّب وسيطرة الذكاء الاصطناعي يوماً على صانعيها من البشر؟.

التغيير التخريبي

في عصر التقنيات المتسارعة و”التغيير التخريبي” (مفهوم علمي جديد يتعلق بأثر التغييرات التكنولوجية المتسارعة على حياة الناس)، كان الكتاب الأخير لمايك والش “القائد الخوارزمي: كيف تكون ذكياً عندما تكون الآلات أكثر ذكاءً”، بمثابة دليل مفعم بالأمل لإعادة ابتكار القيادة والمؤسسات.

 اختبار “تورينغ”

بمقاربة مشابهة، أعاد قديفة، إلى الأذهان الاختبار الذي ابتكره ألان تورينغ، أحد الرواد الأوائل في التشفير والحوسبة، لمعرفة ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يقترب من الذكاء البشري، باختبار يقتضي وضع كومبيوتر خلف ستارة، ثم أن تطلب من شخص ما أن يتحدث مع “الشخص” الآخر خلف الستارة من دون أن يعرف أنه كومبيوتر. فإذا بدا منطقياً وكأنه إنسان، تعلم أننا نقترب من الذكاء البشري، وهذا ما تفعله “جي بي تي” الذي “يستند إلى 175 ملياراً من الوسائط الرقمية، مع رقمنة 300 مليار جزئية من المعلومات، ويستند إلى 40 ألف رمز في اللغة الإنجليزية”، مؤكداً أن “كل هذه مدعاة للاحتفال بدلًا من القلق”.

وشرح ستيف شوارتز، الذي ألّف أيضاً كتاب “الروبوتات الشريرة، الكومبيوترات القاتلة، وخرافات أخرى”، طريقة بنائها، معبراً أولاً عن اعتقاده أن “تشات جي بي تي”، ليس أذكى من البشر؛ ولكن لديه ذاكرة أكبر، موضحاً أنه “جرى تدريب “تشات جي بي تي” بقراءة ما يعادل ثلاثة ملايين كتاب. يختارون ثلاثة ملايين كتاب، ثم يحددون الكتاب الأول، ويقولون له حسناً، هذه هي الكلمة الأولى في الكتاب، وعليه أن يتوقع الكلمة الثانية. وبالطبع، سينتج أمراً ما بصورة عشوائية لكي تعطيه الإجابة الصحيحة. وتبقى على هذا المنوال إلى أن ينتهي الكتاب. وبعد ذلك تكون أعطيت ثلاثة ملايين إجابة صحيحة انطلاقاً من الكلمة التالية في الكتاب. وتطلب تعديل مرجعياته. في المرة القادمة، سيقوم بعمل أفضل بكثير للتنبؤ، وبذلك تضح أنه عليك أن تتعلم الحقائق. من خلال قراءة ثلاثة ملايين كتاب. هذه هي التكنولوجيا الكامنة التي تسمى “جي بي تي 3 أو 3.5 أو 4.0”. وهي ليست تماماً مثل البشر.

المقارنة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان

“الوثبة التكنولوجية” التي تحققت بالذكاء الاصطناعي، لم تفاجئ الدكتور هشام حمادة، الذي يركز في أبحاثه على إحداث اختراق في العلوم الدوائية للأمراض المستعصية. ويوضح أنه على رغم أن الخوارزميات الخاصة بنماذج اللغة الكبيرة التي تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، “ليست موجودة منذ فترة طويلة”؛ لكن “ما جعله ينتشر على نطاق واسع هو إمكانية الوصول”، حين قامت “أوبن إيه آي” في سان فرانسيسكو بإتاحته للجمهور من خلال لغة طبيعية. والمقارنة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان تبدو بالنسبة إليه، “أشبه بمقارنة سيارة فيراري بجرار زراعي. لجهة القوة، أحدهما فيه قوة أكبر من الآخر. لكن وجهة الاستخدام أساسية”. مؤاكدً:”لا يزال هذا التمييز يحتاج إلى العقل البشري”.

أين العرب

يعقد العاملون في مجال الذكاء الاصطناعي في أميركا مقارنة بين “الاختراق الثوري” الذي يحصل الآن وذلك الذي أنتجه “مشروع مانهاتن” في علوم الانشطار الذري، خلال الأربعينات من القرن الماضي. وعبده قديفة، وهو لبناني، يعبّر عن اعتقاد أن “الذكاء الاصطناعي يشكل تهديداً للغة العربية”، منبهاً إلى أنه “إذا لم يملك العرب نموذجاً لغوياً كبيراً، فإن تراث العرب بأسره سيتأثر”. وفي السياق نفسه، يعكس مدير “مجتمع جميل” في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، “إم آي تي” جورج ريتشاردز، الذي ذكر بأن المؤسسة التي أسستها عائلة جميل في المملكة العربية السعودية عام 1945 “تدرك جيداً إمكانات الذكاء الاصطناعي”، بل إنها عملت على تطوير “أدوات الذكاء الاصطناعي السريرية لـ(عيادة جميل) في (إم آي تي)؛ بغية إحراز تحسن كبير في صحة ورفاهية الناس في كل أنحاء العالم”، مستدركاً أن هناك “حاجة إلى العمل الجاد لضمان وصول هذه الأدوات إلى الجهات الضعيفة الموارد”. وأضاف أن هذا هو “السبب في أننا ندعم (عيادة جميل)، جنباً إلى جنب مع منظمة (ويلكوم ترست) البريطانية الخيرية، لتنمية شبكة من المستشفيات الشريكة لنشر هذه الأدوات”.

وذكر عضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت الرئيس التنفيذي لشركة “مجرّة” عبد السلام هيكل، أن عمله “يشمل الذكاء الاصطناعي مع التركيز على معالجة حوسبة اللغة العربية الطبيعية ونماذج لغة (تشات جي بي تي)”، معتبراً أن “الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التوليدي، يحتاج إلى تنظيم”؛ لكنه استبعد رؤية ما يسمى “سيناريو يوم القيامة” بأن يخرج الذكاء الاصطناعي عن “نطاق السيطرة أكثر من أي تقنية أخرى يمكن أن يكون لها استخدام مزدوج”.

المصدر: الشرق الأوسط

 

 

اترك رد

Your email address will not be published.