الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في قطاع التأمين
AI بالعربي – متابعات
أدت التطورات التي شهدها قطاع التكنولوجيا إلى حدوث تغير كبير في أسلوب الحياة وإدارة الأعمال. ورغم وجود مصطلح الذكاء الاصطناعي منذ عقود وتزايد انتشار مصطلح تعلم الآلة في السنوات الأخيرة، يُسيء كثيرون فهم المعنى الحقيقي لهما في بعض الأحيان. ويُشير الذكاء الاصطناعي إلى المجال الذي يمكن فيه للروبوتات محاكاة تصرفات البشر، أما تعلم الآلة فهو نوع من البرامج القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تتيح للآلات تطوير توقع أكثر دقة مما كان ممكناً في السابق، وبالتالي فإن المصطلحين مختلفان تماماً. ويعمل قطاع التأمين كغيره من القطاعات على اعتماد هذه التقنيات وتعديلها بما يتناسب مع احتياجاته. ووجد تقرير أعدّته شركة كيه بي إم جي مؤخراً أن الإنفاق على الأنظمة المعرفية وأنظمة الذكاء الاصطناعي سيصل في عام 2022 وحده إلى 77.6 مليار دولار أمريكي، ما قد يوفّر على شركات التأمين ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي، نظراً لوجود العديد من الدوافع الكبيرة لدمج الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في هذا القطاع، بما في ذلك زيادة التنظيم، وتوفير إمكانية الوصول إلى مجموعات بيانات أكبر وأكثر دقة، والحد من الاحتيال والهدر وإساءة الاستخدام.
وقامت دول مجلس التعاون الخليجي، كغيرها من الأسواق الدولية، بزيادة متطلباتها التنظيمية على قطاع التأمين في الآونة الأخيرة، حيث أصبح إعداد التقارير الآن يتضمن تفاصيل أكثر تعمقاً من أي وقت مضى، مما دفع القطاع إلى الاعتماد على التكنولوجيا على نطاق واسع لدعم هذه المتطلبات. وتوفر الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إمكانية إعداد تقارير وافية بسرعة وكفاءة وفاعلية، وبطريقة لم تكن القوى العاملة البشرية لوحدها قادرة عليها مسبقاً، ولكنها لا تُعد بديلاً عن الفرق التقليدية، بل توفر نظام دعم قوي يضمن إنجاز المتطلبات التنظيمية بصورة فعالة وموثوقة. كما يلعب تعلم الآلة دوراً كبيراً بالنسبة لشركات التأمين، حيث يوفر لها إمكانية الوصول إلى بيانات أكثر دقة وإعداد نماذج توقّعية لها ولعملائها.
ويتعين على القطاع أن يتمتع بعقلية جديدة عند استخدام هذه التكنولوجيا المتقدمة، إذ يجب أن يدرك قادة القطاع الدور المهم الذي تلعبه التكنولوجيا في مستقبل القطاع، وأن ينظروا إليها باعتبارها أداة فعّالة وليس كمصدر مخاطرة. ولاقت أولى الشركات التي اعتمدت هذه الحلول دعماً قوياً من عملائها بفضل تمكنها من زيادة الكفاءة، ما أثر بدوره بشكل إيجابي على قاعدتها من العملاء. ولا تقتصر منافع التكنولوجيا على العمليات التي تجري بعيداً عن مرأى العملاء، حيث يمكن لهم ملاحظة زيادةً في عدد الأدوات المساهمة في توفير تجربة مستخدم مميزة، بما فيها روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين لدعم خدمة العملاء، بالإضافة إلى تنفيذ المطالبات بصورة آلية، بدءاً من التسجيل ووصولاً إلى التسوية، مما يوفر للعملاء الوقت والجهد. ووجدت أبحاث أجرتها شركة كيرني أن استخدام برامج الدردشة الآلية في أوروبا أدى إلى زيادة المبيعات خارج ساعات العمل بنسبة 11 بالمائة، بالإضافة إلى تقليل الوقت الذي يقضيه وكلاء التأمين في التعامل مع طلبات العملاء بنحو 40%. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هناك تحديات يجب على الشركات أخذها بعين الاعتبار رغم المنافع الكبيرة التي توفرها هذه الحلول، إذ قد يكون الاستثمار لتحقيق التحسينات التكنولوجية مكلفاً للغاية، وقد لا تكون العائدات فورية دائماً. ويلعب التدريب أيضاً دوراً مهماً للتنفيذ الناجح لهذه الممارسات. وفي حال لم يتم تدريب الفرق على التكنولوجيا الجديدة، فإن ذلك يزيد من احتمالية إساءة استخدامها وارتكاب أخطاء كان بالإمكان تجنّبها، والتي قد يصعب تحديدها على الفور. لذا، يتعين على الشركات الرائدة أن تكون على دراية كافية وتجري أبحاثاً واسعة حول التطورات الجارية في هذا السوق، لتتمكن من تقييم أفضل الطرق لتنفيذ التكنولوجيا المتقدمة بما يتناسب مع ميزانيتها وأعمالها، وبالتالي الارتقاء بسوية أعمالها.