الذكاء الاصطناعي بوابة مصر للعالمية

16

ريهام مازن 

كشف تقرير صدر أواخر الشهر الماضي، عن مؤسسة ومركز “أكسفورد إنسايت” Oxford Insights يُظهر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي” وتقدم ترتيب مصر في المؤشر العام 55 لتصبح في المركز الـ 56 عالميا بين 172 دولة، مقارنة بالمركز الـ 111 بين 194 دولة في عام 2019.
 ووفقًا للتقرير، فقد تم تطبيق منهجية قياس مدى استعداد الحكومات لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ارتكازًا على ثلاثة محاور رئيسية، و33 مؤشرًا من أبرزهم: وجود إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وقوانين حماية البيانات والخصوصية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الرقمية، والبنية التحتية للاتصالات، وتوافر المهارات الرقمية، وثقافة ريادة الأعمال.
 وقد أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في تصريحاته تعقيبًا على هذا التقرير، أن الذكاء الاصطناعي يُعد أحد أهم أولويات الحكومة المصرية في الوقت الحالي.. وأن تحسن ترتيب مصر يعكس مدى الجهود التي بذلتها الحكومة لتحقيق هذا الإنجاز.. ومن أبرزها التوسع في تبني التكنولوجيات الحديثة لتقديم خدمات مصر الرقمية؛ وتنفيذ مشروع ضخم لتطوير البنية التحتية للاتصالات باستثمارات تصل إلى نحو 1.6 مليار دولار في 2019 بالإضافة إلى تهيئة البيئة التشريعية والقانونية التي تحوكم استخدامات الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال إصدار قانون حماية البيانات الشخصية الذي ينظم العلاقة بين مالك البيانات والمستخدمين.
والحقيقة أنه في أكثر من مناسبة، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ضرورة تأهيل وتجهيز الشباب لاستقبال التقدم العلمي والتكنولوجي، مع إدخال العلوم الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في الجامعات المصرية بل وكافة مناحي الحياة والاعتماد على التقنيات المتطورة، وتحديدًا الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في محاربة الفساد.
و كان من بشائر ثمار هذا التحول والميكنة لأجهزة ومؤسسات الدولة نجاح الحكومة المصرية في تصويب الدعم المقدم إلى المواطنين.. فمن خلال الذكاء الاصطناعي، تم رفع 2 مليون بطاقة بها مشاكل مثل التكرار، بالإضافة إلى ترشيد استهلاك المياه للأراضي الزراعية.
يُعد الذكاء الاصطناعي إحدى أهم الأولويات لجداول أعمال السياسات العامة لمعظم البلدان على المستويين الوطني والدولي.
وتركز مبادرات حكومية وطنية عديدة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية والنمو الاقتصادي.. ومن المتوقع بحلول عام 2030 أن يضيف الذكاء الاصطناعي 15 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي.
وفي حوارٍ مع الدكتور محمد إبراهيم المصري، أستاذ المايكروتشبس بجامعة واترلو بكندا، أكد أنه سعيد بما حققته وتحققه مصر في مجال الذكاء الاصطناعي على سبيل “التطبيق” أو “الاستخدام”، لكن لديه رأيٌ آخر في مسألة “صناعة” الذكاء الاصطناعي.. فهو يرى أن صناعته مازالت مهملة في مصر.
ويبعث الدكتور محمد المصري، برسالة إلى الدكتورة نيفين جامع، وزيرة الصناعة، مستغيثًا بها.. يقول فيها: “إن هناك فرقًا كبيرًا بين “صناعة” تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وبين “استخدامهما” للتحديث في كافة المجالات”.
وبالرغم من أنه يؤكد على أهمية ما يحدث في مصرنا، لأنه متابع جيد لما يتحقق في مصر المحروسة.. إلا أنه يُطالب بأن يكون لدينا “صناعة” للذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، لتخدم السوق المصري والعربي، بل وتستطيع الوصول إلى العالمية وهو أمر غير موجود حاليًا ولابد من إيجاده.
ويقول الدكتور المصري، إنه سمع من بعض المقربين في هذا الشأن، إن وزارة الصناعة المصرية لا تعتبر “الذكاء الاصطناعي” صناعة، وتمنى أن يكون ما سمعه خطأٌ.. والسبب كما قيل له، أنه لا يوجد دعم مالي لها عن طريق منح لا ترد أو سُلَف بنكية مخفضة التكاليف.. لدرجة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر لا تهتم بالشركات الناشئة في هذا المجال (صناعة تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي).
وتَقدَّم الدكتور المصري بالشكر لوزارة الاتصالات وأكاديمية البحث العلمي، قائلًا إن لديهما برامج لدعم “البحث” في هذا المجال وهذا جيد لكنه لا يكفي، لأن الصناعة نفسها تحتاج إلى دعم هائل في التسويق والتطوير والبنية الأساسية والمنافسة والنمو، لتصل إلى العالمية وهو ما تم في الغرب ماضيًا وفي الصين حاليًا.
الدكتور المصري، يرجو ضرورة الاهتمام بهذه “الصناعة” كما حدث في الهند وتركيا، لأنها تدر مليارات من هذا المجال وبنجاح مضمون.
وتحدَّث عن تجربته الحالية في كندا وأمريكا- قائلًا إن لديه خبرة طويلة بهما- لسد احتياجات الشركات العالمية في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
حيثُ تقوم هذه الشركات باستخدام مهندسين وشركات عن بُعد في نفس المجال في كل من الهند وتركيا.
كما أبدى الدكتور محمد المصري، عضو رابطة علماء مصر في كندا وأمريكا، وهو متواجد حاليًا في القاهرة، أتم استعداده للقاء الوزيرة جامع، للمساهمة بالرأي والفكر والمعرفة وشرح كيفية حدوث هذه الصناعة في مصر.
من كل قلبي: ما يحدث في مصر أمرٌ جلل.. ولاشك في أنه لولا فطنة القيادة السياسية، منذ البداية إلى أهمية دور التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة في دفع عجلة الاقتصاد، لما استثمرت الدولة في هذا الملف، لتحسين وتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين، بهدف الارتقاء بحياة المصريين وإعداد وتمكين الشباب المصري وتدريبه على التكنولوجيات.. وهو المسار والإستراتيجية التي تتبناها الدول الحريصة على أن تكون دائمًا في مصافِ دول العالم المتقدم.
اترك رد

Your email address will not be published.