ركائز حوكمة الذكاء الاصطناعي
إيان بريمر – مصطفى سليمان
على صناع السياسات الالتزام بخمسة مبادئ إرشادية لحوكمة الذكاء الاصطناعي بفاعلية فقد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انفتاح حياة الناس ومجتمعاتهم على جوانب التقدم العلمي الهائلة، وفرص غير مسبوقة للحصول على التكنولوجيا، والمعلومات المضللة السامة التي تعطل الديمقراطيات، والاضطرابات الاقتصادية. وفي هذا السياق، سيحدث الذكاء الاصطناعي تحولا أساسيا في هيكل القوى العالمية وموازينها.
يوجد هذا الأمر تحديا لا مثيل له أمام المؤسسات السياسية في جميع أنحاء العالم. وسيتعين عليها وضع معايير جديدة لتكنولوجيا ديناميكية حديثة، والتخفيف من حدة مخاطرها المحتملة، وتحقيق التوازن بين المصالح المتباينة للأطراف الجغرافية السياسية. وستأتي هذه الأطراف من القطاع الخاص بشكل متزايد. وسيتطلب الأمر مستوى عال من التنسيق من جانب الحكومات، بما في ذلك المنافسين والخصوم الاستراتيجيين.
في 2023، انتبهت الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى هذا التحدي. فالمشرعون من بروكسل إلى بيجين وبانكوك منهمكون في صياغة أطر تنظيمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي، حتى في الوقت الذي تتقدم فيه هذه التكنولوجيا نفسها على نحو متسارع ومطرد. في اليابان، أطلق قادة مجموعة السبع “عملية هيروشيما” للتعامل مع بعض أكثر القضايا صعوبة التي يثيرها الذكاء الاصطناعي التوليدي، في حين أنشأت الأمم المتحدة هيئة استشارية جديدة رفيعة المستوى للذكاء الاصطناعي. وفي قمة مجموعة العشرين التي عقدت في نيودلهي، دعا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى وضع إطار جديد لحوكمة مسؤولة للذكاء الاصطناعي تتمحور حول الإنسان، في حين طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بإنشاء هيئة لمراقبة مخاطر الذكاء الاصطناعي على غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
في نوفمبر، استضافت الحكومة البريطانية أول قمة عالمية على مستوى القادة خصصت لمواجهة المخاطر التي يمثلها الذكاء الاصطناعي على السلامة. وحتي في الولايات المتحدة، موطن أكبر شركات الذكاء الاصطناعي والتي عادة ما تتردد في تنظيم التكنولوجيا الجديدة، يعد تنظيم الذكاء الاصطناعي مسألة توقيت، وليست مسألة إمكان حدوث ذلك، وحالة نادرة من التوافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
تعد هذه الموجة من النشاط أمرا مشجعا. فخلال مدة زمنية قصيرة إلى حد كبير، جعل قادة العالم الحاجة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي من الأولويات. بيد أن الاتفاق على الحاجة إلى تنظيم هذه التكنولوجيا هو الحد الأدنى المطلوب للتحرك. ومن الأهمية بمكان تحديد نوع التنظيم المطلوب. فالذكاء الاصطناعي لا يشبه أي تحد سابق، وتتطلب سماته المتفردة، المقترنة بالحوافز الجغرافية السياسية والاقتصادية للأطراف الرئيسة، ابتكارا في أنظمة الحوكمة.